منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
المهرج أو الجوكر شخصية شريرة خفيفة الظل أقرب إلى الكوميديا كما أريد لها في السينما ،عرفت كطرف شرير في سلسة افلام اباتمانب أو كما قدمتها سينما الاربعينيات قبلها كانت موجودة في القصص المصورة ا الكوميكس ا لكن الجوكر أو المهرج الذي تم شيطنته في السينما يعتبر في السرد الأدبي ذو بعد رمزي فالبحث في كمية الإضحاك من خلال المهرج كعامل للتسلية والمتعة وما وراءها من بُعدٍ إنساني تم تناوله في أعمال أدبية متعددة ،وكان دائما البحث عن الإنسان داخل هذه الشخصية االمهرجب وهو ما يجعلنا نتعاطف أدبيا معه في عالم السيرك ،غير أن سقوط المهرج كان دائما مأسويا في المقابل وهذه مفارقة أمام كمية هذا الضحك وما يضفي من بهجة داخل سرداق السيرك الذي يظل عالمه الأصلي ومبعث وجوده في الأساس ربما هذا الجانب بالذات هو ما تم التركيز عليه في فيلم اجوكرب الأخير وهي آخر معالجة لهذه الشخصية بحيث رجع إلى حدود بعده الإنساني الذي استمده من الأدب رؤيةً قبل شهرته في حدود ما رسم له كشرير خفيف الظل ثم تفريغه في مغامرات وقصص سينمائية عديدة االجوكرب كشخصية محورية هذه المرة وسط محيط اجتماعي طارد له ومن ثمة إسقاطه في الفيلم على أزمات معاصرة فيما يتعايش معه االجوكرب كإنسان في بيئة أقرب إلى المستنقع ماديا ومعنويا وأزمة كبرى تلاحق اجوكرب وجوده في الأساس لدرجة أن آرثر غير مصدق أنه موجود الغريب أن السينما الأمريكية قليل ما تلجأ إلى مثل هذه العشوائيات التي صورها الفيلم واستنطاقها من خلال الشخصية نفسها ليأتي اجوكرب 2019 كنسخة أخيرة مفرغة تماما مما تعودت السينما أن تقدمه لنا الا فيما يخص بعدها الاجتماعي والإنساني من قبل ثمة تفاعل وتعاطف كبير لدى القارئ في شخصية المهرج أدبيا وها هي تعود سينمائيا خاصة عندما تسترجع رؤيتها المبكرة التي اكتسبتها من الأدب .عندما تركز الكاميرا على مشاهد واقعية في الأزقة وما بقى من تعفن القمامة وقسوة الواقع واستمرار الحلم مع استمرار ضراوة الحياة . الحلم الذي نظنه في المتناول ويبدو أبعد من سمائنا فأننا نحس وقتها بالجوكر داخل كل منا !
ثمة معالجة أقرب إلى الإنسان البسيط العادي الذي يعاني احباطاته وحيدا في شخصية رسمت بعناية ومن ثمة وضع تيمة المهرج هنا لتضفي مزيد من العبث السيكوباتي وسط أحداث تبدو غير طبيعية رغم واقعيتها وليس لها من حبكة الا ما يعرضه الواقع بحيث ثمة تعرية جارحة ومفرطة وراء قناع الجوكر الذي تتم رسم ابتسامته بتكشيرة مفتعلة وهي تمط الشفتين بأصابع ترتعش !
العامل النفسي أعطى انطباعا في محيط ليس غير متفاعل فقط بل وغير مدرك لأبعاد هذا المرض العصبي ومعاد له ينبذه وتظل العشوائيات تنمو بطحلب الكراهية وهاجس القتل لحماية كمية الضحك الأسود الذي تحوّل إلى عنف وقتل لمجرد حماية الذات فجرائم االجوكرب تبنى كلها على مغالطات وسوء فهم وهي أشبه بكوابيس جرائم اهتشكوكب فهو يقتل في الصديق أو زميل المهنة كمية الاستغلال والخداع وفي الأولاد الثلاث العبث الماجن الذي ينقذ فيه الجوكر فتاة القطار من عبثهم ولك أن تخيل كيف تسيس الجريمة وتذهب لصالح من اخيراً ؟! ثمة سخرية سوداء مميتة على الهواء مباشرة حين ينتهي الفيلم بجريمة قتل مقدم البرامج الاشهر ويقتل بدم بارد في ضحكة أخيرة من حيث أراد اضحاكا مفجعا حد القتل ! .. كيف وصل ضحكنا إلى هذا الحد من السواد والدمار المفجع في صراع كأن الجميع فيه أمام فوهة مدفع ؟! اأرثر فليكب ممثل كوميدي كما يقدمه الفيلم في شخصية جوكر تحوله أحداث الفيلم المرعبة إلى مجرم مطارد وتكبر أسطورته حتى يتماهى مع مظاهرة آخر الفيلم ويصبح الجميع بقناع الجوكر الرمز على الظلم والقسوة رغم أن الفيلم ينحت من داخل آرثر مأساته الخاصة ما يجعله بعيدا بشكل مباشر عن أي اتجاه حتى يبدو لنا في وضعه الغريب كأنه فضائي من كوكب آخر !
يظل الفيلم الأخير لجوكر مع الأداء المميز والمذهل لخوكين فينيكس الاقدر تجسيدا وبعدا فكريا ونفسيا واجتماعيا في تحميل أبعاد تناول هذه الشخصية لأن التعاطف في عين المشاهد كان مستمدا من قسوة ربما رفضها البعض لكنها تظل حقيقة تجعل الإنسان يضحك في هستيريا مفرطة كضحكة الجوكر المرضية .إن وضع يد الجوكر على الفم في محاولة لرسم ابتسامة كانت كمن يقبض على جمر وتطلب منه أن يبتسم ! و رسم تلك الابتسامة على وجهه في المرآة وبعد ذلك على وجه طفل بعدما كنا اعتدنا ان تكون هذه الابتسامة على وجوه ضحاياه
في سلسلة افلامه ولكن هنا يجبر نفسه عليها بمد يده ورسمها على جثة يكونها !
وهذا ما يجعلنا نقول أن الفيلم كأنه مونودراما سينمائية لأداء ممثل برع وراء شخصية الجوكر أن يقدم معالجة سينمائية جديدة كانت سجينة نمط واحد .
هامش
فيلم جوكر من انتاج 2019 اخراج فيلبس تود من بطولة الممثل الأمريكي اخواكين فينيكسب فاز في مهرجان البندقية بجائزة الأسد الذهبي.
