مرايا اجتماعية
كتبت : كوثر الفرجاني – تصوير: عفاف عثمان
نظمت جمعية ميلاد جديد للعمل الخيري والتنمية يوم السبت الموافق 22 فبراير 2020، ورشة عمل حول المجتمع المدني، وذلك بالتعاون مع المركز الدولي للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومؤسسة الوليد للتنمية والتدريب، بقاعة معهد الثقافة العمالية( قاعة المنتجين سابقا)بالعاصمة طرابلس، بحضور مكثف للفيف من النشطاء وقيادات المؤسسات والمنظمات المدنية من طرابلس وخارجها، والتي تأتي ضمن خطة العمل السنوية التي تسعى الجمعية لتنفيذها خلال العام2020 ، للمساهمة في تطوير وتنمية قدرات أفراد مؤسسات المجتمع المدني، وبدعم قوي من شركة القناة للاستشارات والخدمات الإعلامية، وعدد من المؤسسات والمراكز ذات العلاقة والشراكة مع الجمعية.
ونوقشت خلال ورشة العمل عدة محاور تركزت حول التخطيط الإستراتيجي ودوره في خدمة قضايا المجتمع المدني، ودور المرأة وتفاعلها من خلال المؤسسات، ودور الإعلام وأهميته لعمل المؤسسات المدنية، والمسار الديمقراطي من منظور مجتمعي.
وأوضحت رئيس مجلس إدارة جمعية ميلاد جديد للعمل الخيري والتنمية السيدة (فوزية محفوظ) في تصريحها لصحيفة الصباح، ان هذه الورشة تعتبر أول خطوة في سلسة من البرامج التوعوية والتثقيفية، التي تهدف الى تمكين مؤسسات المجتمع المدني، والرفع من مستوى القدرات فيها، وتحديد مواطن القوة والضعف في مستوى أداءها، من خلال فتح حوار مطول ومستدام، لخلق أرضية صلبة ونقاط تواصل فيما بينها، مشيرة إلى أن محاورها تركزت حول عمل مؤسسات المجتمع المدني، وآلية تعاملها مع الجهات التنفيذية والحكومية، ونوهت رئيس جمعية ميلاد جديد في تصريحها : “ نحن من خلال هذه الورش نريد ايصال رسالة لكل ناشط مدني في اي مؤسسة بأن عملنا من خلال الجمعية كبير وأهدافنا سامية ونسعى جميعا لتحقيق ذلك مع الجميع ، ويجب علينا أن نعي معنى عمل مؤسسات المجتمع المدني”.
وقالت السيدة (فوزية محفوظ) على أنه :”يجب أن نقوي عمل مؤسسات المجتمع المدني لان ذلك سيقوي ويفعل كل شرائح المجتمع المحلي، باعتبار أن هذه المؤسسات هي القوة الفاعلة التي يجب ألا يستهان بها”.
مؤكدة إنَّ الورشة اشتملت خلال ست ساعات متواصلة من الحوار وتبادل الآراء، على محاضرات وورقات عمل تُعنى بتعزيز وزيادة التعاون وسد الفجوة بين الحكومة والمجتمع المدني للوصول إلى تطبيق معنى الديمقراطية الحقيقي، وإيجاد مجتمع مدني ضاغط وقادر على تنفيذ المطالب والحقوق.
وقالت رئيس جمعية ميلاد جديد للعمل الخيري والتنمية (فوزية محفوظ) في ختام تصريحها : “ستكون لدينا جلسات وورش عمل أخرى من اجل ان نرتقي بمستوانا العام، حتى نكون فاعلين في مجتمعنا المدني”.
من جهته ركز المستشار الإعلامي مدير عام شركة القناة للتدريب والخدمات الإعلامية السيد (محمد الشريف) في محاضرته التي أفتتح بها الورشة، على إثارة موضوع المجتمع المدني وأهميته في أي دولة ديمقراطية حديثة، مشيرا إلى أن هذا الموضوع تكمن أهميته في أن الكثيرين يحكمون على الموضوع دون علم كامل بطبيعة دور القطاع الثالث (المجتمع المدني) وما نتج عن هذه الصورة الذهنية من العديد من الاحكام الخاطئة، وأشار إلى هذه الصور الذهنية المترسخة في اغلب عقول الناس وهذه الصور لاتشمل العاملين بهذا القطاع حتميا، فنجد أن هناك من يرى المجتمع المدني ومؤسساته حبر على ورق ولا يعملون شيئا على أرض الواقع، وهناك من يرى أن منظمات المجتمع المدني مجرد “استرزاق لأكل العيش والاستغلال لأجل المصلحة الشخصية، وهناك من يرى منظمات المجتمع المدني حفنة من الخونة والمأجورين لإثارة القلاقل في البلاد، وهذه الآراء معتمدة في المقام الأول عن عدم الاحتكاك بأي خدمة من خدمات المجتمع المدني أو عدم التواصل المباشر أو غير المباشر ما بين هؤلاء الأفراد وبين إحدى هذه المؤسسات، وجهل بدور تلك المنظمات وعملها على أرض الواقع، وناتج أيضا عن بعض ما يثار حول غموض عمل هذه المنظمات، موضحا أن دور المجتمع المدني يرتكز على مهمة كبيرة، هي تحقيق التنمية الشاملة عن طريق تكامل عمله مع الدولة والقطاع الخاص، بحيث تعمل القطاعات الثلاث من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على مواطني الدولة، مشيرا إلى أن هذا الدور نشأ نتيجة صعوبة تحقيق التنمية من قبل الدولة وحدها، خاصة في الدول النامية التي يكون اقتصادها غير معافى بشكل كبير. وأيضا يقع على عاتق المجتمع المدني مسئولية إعداد الكوادر المختلفة لتحقيق ذلك.
وتنوعت الورقات التي شارك بها النشطاء والتي غطت أغلب محاور الورشة، في تركيز واضح حول مدى المهنية التي تتسم بها منظمات المجتمع المدني، في ظل الأزمات المتوالدة التي لا تنتهي، واقتصار نشاطاتها على الإغاثة والإعاشة، حيث تطرقت السيدة (نعيمة سلامة) عضو لجنة الأزمة، ورئيس فرع الشؤون الاجتماعية ببلدية الزاوية الغرب إلى ضرورة أن تتحدد المفاهيم بدقة للمزيد من الحرفية والمهنية في العمل المدني، وأن تواكب البرامج التوعوية والتثقيفية وبرامج الدعم النفس – اجتماعي، نشاط المنظمات على مستوى الإغاثة والإعاشة، وأن تتحدد الأدوار ويعي كل ناشط مدني حقيقة دوره من خلال قدراته وحجم عطاءه بالأخص مع تفاقم الأزمات والنكبات، وأشارت السيدة (نعيمة سلامة) إلى أهمية الدمج الاجتماعي والذي يهدف إلى دعم وتطوير قطاع الحماية الاجتماعية للوصول إلى مجتمع منصف ودامج في ليبيا عبر تحسين وتحديث جودة واداء نظام الحماية الاجتماعية، من أجل تعزيز الشراكات المحلية وبناء قدرات الشركاء وتقديم الادوات اللازمة لتعزيز الثقة والتعاون بين جميع الشركاء المحليين، بعيدا عن تدخلات المنظمات غير المحلية، وبالأخص غير الحكومية منها والتي تدخل للبلاد دون معرفة جادة لنواياها واجندتها وحقيقة وطبيعة عملها تحت ستار العمل الإنساني.
من جانبها ركزت السيدة (آمال الهنقاري)، رئيس مجلس الإدارة لمنظمة آمالنا للتنمية والإعلام وحقوق الطفل، إلى أهمية دور الإعلام في المجتمع المدني، وضرورة العمل الدؤوب من أجل قاعدة صلبة للإعلام الإجتماعي الذي يشكل حجر أساس لخدمة القضايا الملحة في الوسط المدني، وضرورة أن يتصدر المشهد الإعلامي النشطاء الفاعلين على الأرض، وأن يكونوا صوتا قويا لتغيير المشهد الاعلامي الكارثي والضبابي، والذي اختلط فيه الحابل بالنابل، مما أثر على النظرة الاجتماعية للوسط المدني بشكل عام، وأعطى صورة مسيئة رغم كل المجهودات الجبارة للناشطين في الأزمات في ظل عجز حكومي واضح.
ومن المركز الدولي للديمقراطية وحقوق الإنسان أشار الأستاذ( عبد الفتاح صليل) إلى أهمية أن يصبح المجتمع المدني فعالا ومؤثرا، وأن يعي الشعب والنظام أهمية وجود القطاع الثالث كوسيط رقابي يتكامل مع الدولة في تحقيق دولة الرفاهة، وتحقيق حق الرفاه وجودة الحياة، وتعد المهمة الرقابية للمجتمع المدني أساس تنطلق منه مناشط وحراك النشطاء من منطلق أن وجود مجتمع مدني فعال هو الضمان للمساءلة والشفافية، وهو ما يعزز النظام الديمقراطي النزيه للدولة، وهذه المهمة نابعة من تعريف المجتمع المدني بكونه الوسيط بين الشعب والنظام، مشددا على أهمية أن يعي الكثيرين هذه المهمة لأنها إيجابية ووطنية وتساعد على إصلاح مواطن الضعف بالدولة.
وفي ختام ورشة المجتمع المدني بين المهنية والانسانية قام السيد( حسن الهوني) المدير التنفيذي لجمعية ميلاد جديد للعمل الخيري والتنمية وبعد صياغته لمخرجات وتوصيات التي تم الاوصل إليها من خلال الحوار والنقاش بورشة العمل بتلاوتها على مسامع الحاضربن المشاركين، لتكون أساسا تنطلق منه ورش أخرى خلال الأيام القادمة، والتي من المتوقع أن تدشن على شكل حلقات وورش عمل بين مختلف القيادات والنشطاء بالمجتمع المدني في ليبيا.