منصة الصباح

أصغر منك ليلة أكثر منك حيلة

جمعة بوكليب

الأمثالُ الشعبية التي وصلتنا من أبائنا وأجدادنا، تمثل إرثاً شفاهياً نفتخر به ونحرص على الحفاظ عليه، ليس فقط من خلال الحرص على استخدامه، بل والاضافة إليه وتوثيقه. وبالتالي، فهو إرث لا يتوقف عن التمدد. أي أن منظومة الأمثال الشعبية، بمرور الوقت، تزدادُ عدداً، وتكبرُ حجماً، حتى تكاد تصبح فعلياً “زرب” يجعل من الصعوبة علينا أن نجد مسرباً يقودنا خارجه.

إلا أن بعض الأمثال القديمة، على وجه الخصوص، من الممكن جداً أن تفقد صلاحيتها وتتعرض للهجر، نتيجة تغير أوجه الحياة، بحيث لا يمكن أن تجد لها مصداقية في عالم اليوم المتغيّر.

في الأسبوع المنصرم، خلال رحلة عودتي من القاهرة إلى طرابلس، قابلت صدفةً في مطار القاهرة شاباً ليبياً، عائداً من عُمان. وخلال فترة الانتظار تلك تعارفنا، وجرى بيننا حديثٌ ودّي، طال أشياء كثيرة. ومن خلاله وصلتُ إلى قناعة بأن المثل الشعبي الذي يقول :” أكبر منك بليلة أكثر منك بحيلة” يفتقد المصداقية في عالم اليوم التكنولوجي. وأن الأصحَّ تغييره بحيث يصبح كالتالي:” أصغر منك بليلة أكثر منك بألف حيلة.”

الحديثُ القصير نسبياً مع ذلك الشاب الجنوبي النبيل والدمث، جعلني أصلُ إلى تلك القناعة. فرغم فارق السنّ الكبير بيننا، إلا أنني وجدتني أجلس مُنصتاً بأهتمام إلى حكمته ومعارفه العديدة، التي اكتسبها من خلال تجاربه الحياتيه وعلمه وأسفاره.

منذ أن فرض الواقع التكنولوجي حضوره الفعلي على أرض الواقع، لم يجد كبار السنّ أمثالي موقعاً لهم فيه، لأن الشباب، أو صغار السن على وجه العموم، احتازوه، واستحوذوا عليه بجدارة، وصاروا يتكلمون لغته بإتقان. وهذا يعني أنّهم، واقعياً وفعلياً، أكثر خبرة وتجربة وحيلة من جيلي، والجيل الذي سبقني. وأن أمثالي لا يستطيعون مجاراتهم فيما خبروه وتعلّموه. وأننا، أي كبار السنّ، صرنا في العصر التكنولوجي لا نختلف عن ” أطرش في زفّه.” إلا من رحم ربي.

شاهد أيضاً

إنتر يخطف تعادلاً قاتلاً أمام ميلان في ديربي ميلانو

  انتهت قمة الجولة “23” من الدوري الإيطالي، بين إنتر ميلان وميلان بالتعادل “1-1″،في مباراة …