جمعة بوكليب
زايد…ناقص
في الآونة الأخيرة، قرأتُ في الانترنت إعلاناً حول إقامة معرض دولي للكتاب في طرابلس، خلال الأيام القريبة المقبلة. اللافت في الإعلان، أن الجهة المنظمة للمعرض هي النيابة العامة، وهي جهة، كما نعلم، غير معهود عنها تنظيم معارض للكتب. ولم يسبق لي أن سمعتُ أو قرأتُ أن نيابة عامة، في بلد ما، نظّمت معرضاً دولياًللكتاب. ولذات السبب، أطلق على المعرض اسم، “معرض النيابة العامة الدولي للكتاب.”
ما نعرفه وتعوّدناه وعشناه، أن معارض الكتب تكاد تكون حِكراً على جهات حكومية أو خاصة، ذات علاقة بالثقافة وذات صلة بالكتاب. في تلك المعارض، يتمُّ تنظيم نشاطات ثقافية عديدة، يلتقي فيها رواد المعارض بمؤلفين ومترجمين وأصحاب دور نشر. ويصدف، في أحيان نادرة، أن تتولى جهة أكاديمية، مهمة تنظيم معرض للكتاب، مثل أقسام القانون بالجامعات، بتنظيم معرض كتاب للمختصين بهذا الشأن. حيث يكون المعروض من الكتب يهتم بالقضايا والشؤون القانونية.
وفي العادة، تكون تلك المعارض صغيرة، وقصيرة المدة، بسبب طبيعتها التخصصية. لكن أن تُنظم وتقيم النيابة العامة الليبية معرضاً دولياً للكتاب، فهذه سابقة لافتة للنظر، ومدعاة للاستغراب قليلاً، وفي ذات الوقت، تستقطب الاعجاب.
معارضُ الكتب مهمةٌ وأساسية، وظاهرةٌ حضارية، ونشاط انساني راقٍ، يعود على الكتاب، وعلى المواطنين العاديين، والمثقفين، والمؤلفين وأصحاب دور النشر والاعلاميين بمنافع كثيرة. ونحن في ليبيا في حاجة إليها. وشخصياً، قد لا أهتم كثيراً بالجهة التي تتولى تنظيمها والاشراف عليها، حتى وإن كانت مثلاً ادارة السجون، أو شركة الخدمات العامة، مع كامل التقدير والاحترام للجهتين. إذ المهمّ إقامة المعرض على نحو مناسب، يليق بالكتاب وبالمهتمين بالكتاب، وليس الجهة التي تتولى الأمر.
وبناءً على ذلك، فإن أمر اقامة النيابة العامة معرضاً دولياً للكتاب، كما جاء في الإعلان، وليس مختصاً بالشأن القانوني فقط، مرحّبٌ به جداً، طالما أن المعرض الدولي المزمع إقامته قريباً، يتسق والاسم الذي أُطلقَ عليه. أي أن المسؤولين في النيابة العامة يوفون بالعهد، ويقدمون أفضل ما لديهم. وهذا يعني ضميناً الاستعانة بالأفراد والمؤسسات الثقافية ودور النشر ذات الصلة والخبرة، بغرض تحقيق الهدف، وانجاح المهمة.
ما قامت به النيابة العامة، في رأيي، يعدّ تغييراً ايجابياً. بمعنى أن المسؤولين بها، يسعون إلى تخطي الحواجز التي فُرضت على مؤسستهم القانونية، حسب التخصص المهني، وحبستها في إطار ضيق محدد ومحدود. ويأملون، من خلاله، في بناء جسر يصلهم بالمواطنين وبالمثقفين، ويوسع من اهتمامات النيابة العامة. وهي مبادرة تستحق الشكر كونها تقدم النيابة العامة للجمهور في صورة مخالفة للصورة التي سجنت داخلها طيلة عقود طويلة من الزمن. وهي صورة يمكن وصفها بأنها غير ودّية شعبياً، إن صحّ الوصف، في أعين المواطنين، وذلك من خلال تقديم نشاط ثقافي غير معهود عنها، يوحي بالأمن وبالطمأنينة، وفي الوقت ذاته محفزّ للحركة الثقافية في البلاد، وباعث على البهجة.
مرحباً بعودة معارض الكتب إلى طرابلس بعد غيبة طويلة. ونأمل ألا تكون العودة يتيمة، ونتمنّى ألا تكون مجرد “طهقه.”