أحلام محمد الكميشي
مع تسارع التحول الرقمي في شتى مجالات الحياة، لم تعد التطبيقات حكرًا على الترفيه أو التسوق أو المعاملات المالية، بل صارت أداة لإنقاذ الأرواح. ومن بين المبادرات الوطنية التي تستثمر في هذا التحول، تقترب الهيئة الوطنية لخدمات نقل الدم من إطلاق تطبيق (من دمي) رسميًا، وهو منصة رقمية تسعى لترسيخ ثقافة التبرع بالدم وتحويلها من فعل استثنائي عند الحاجة إلى سلوك صحي وواجب وطني دائم، فالحاجة للدم ومشتقاته تزداد يومًا بعد يوم مع ارتفاع حوادث الطرق، وتنامي الجرائم المرتبطة بالسلاح، فضلًا عن الأعداد الكبيرة لمرضى الأورام وأمراض الدم المزمنة. في مثل هذه المواقف، تكون كل دقيقة فارقة بين الحياة والموت، وغالبًا ما يضطر ذوو المريض للبحث العشوائي عن متبرعين، هنا يأتي دور التطبيق الذي يربط المتبرع والمستفيد مباشرة ببنك الدم الأقرب في أسرع وقت ممكن.
وخلال حديثي مع الدكتور عباس محمد، مدير المبادرة الوطنية للتبرع بالدم، والصديق الإعلامي “طارق عياد”، علمت أن الانضمام إلى المشروع يمنح المتبرع فرصة للكشف الصحي وإجراء تحاليل دورية تتيح له الاطمئنان على وضعه الصحي مجانًا وبمعلومات دقيقة وموثوقة، وهذه ميزة للمتبرع تخفف عنه أعباءً مالية، ويتطلب الأمر العمل على تغيير ثقافة سائدة تحصر التبرع بالدم فقط كواجب عائلي أو مبادرة عند الأزمة، لتحل محلها ثقافة أن التبرع بالدم ممارسة مجتمعية منتظمة، أشبه بادخار الدم في أوقات الوفرة استعدادًا لمواجهة لحظة الحاجة. خاصة وأن للتبرع فوائد أبعد من الإنقاذ المباشر للآخرين؛ إذ يحفز الجسم على إنتاج دم جديد ويحافظ على حيوية نخاع العظم والطحال والرئتين، ما ينعكس على نضارة البشرة وجمالها، كفاءة أجهزة الجسم، ودعم المناعة وتقويتها، وبهذا يصبح التبرع بالدم ليس عملًا إنسانيًا فقط، بل استثمار في تحسين جودة حياة المتبرع.
أرى أن تطبيق (من دمي) أكثر من أداة تقنية، إنه جسر ثقة بين المواطن والمجتمع يستفيد منه الجميع، فالدم هنا ليس مجرد سائل بيولوجي بل رمز للحياة والتكافل الإنساني والإنفاق، وقال الله تعالى ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.