زكريا العنقودي
الثمانينات في ليبيا كانت جحيم ، كنا صغار في العمر ، ولا يوجد في الدولة مصطلح ترفيه ، فقط كان هناك الزحف المقدس ، و يابركان الغضب ، وما شابه ذلك .
في الثانوية تصل متأخر ، نتيجة حافلة (عرادة السوق) تاخرت ساعة على موعد وصولها لمحطة ميدان الغزالة ، وانت واقف في عز البرد ، والمطر سيل من السماء ، تردد داعيا الله ، ياربي ان شاء الله ما تجيش ، بيش نروح لجدي مبلل بالمطر ، و نقوله ريتني كيف حالي اهي الحافلة ماجتش و روحت ، و نكمل يومي عطلة .
تخونك كل خططك حينها ، وانت كيف بتروح تجيك هذيك الحافلة، وكأنها الاناكوندا من فرط طولها ، دبل قابينة ، ومن الوسط قومة ، نحير فيها حتى كيف ادور من الميدان . ورغم مشيها المتعثر ورائحة النافطة التي تزكم الانوف ، توصلك لكن فقط متأخر ساعة .
وانت داخل للمعهد ، تحسابه رئيس عرفة بلعيد الله يرحمه ، بيسألك علاش تاخرت ، أو شن ظروفك ، على طول يعطيك الامر خش الساحة . ارفع سروالك ،وازحف على ركابك .. وتقعد للاستراحة هذا حالك .
المهم مش هذا الموضوع اصلا غير كلام يجيب كلام .
نروح للحوش بعد كل عذاب الهدهد هذا ، وكنت شاري بيكاب ماركة كراون ، من السوق المجمع شارع الجمهورية اعتقد ب 175جنيه ، سيستم صح ثلاث ادوار ، وكنت قد تحصلت على هدية من صديق لا داع لذكر اسمه الان على اسطوانة ( Exodus ) للبوب مارلي .
كنت اغتسل من هم ذاك اليوم ، انا الطالب المجتهد الصغير كنت حينها في اول ثانوي، وكل درجاتي امتياز ويشهد شيوخي وزملائي على ذلك ، اكرر على نفسي، ما ذنبي كون الحافلة تاخرت ، ان امسح كل ساحة معهد مالك بن انس بركبتاي.
كان البوب مارلي حينها ، وتلك الاسطوانة بالذات ،وسيلتي ان انسى كل ذلك ، كنت استمع اليها واتمنى ان اهاجر ، ان اغادر كل الجحيم الذي كنت فيه .
لكن قدر الله وماشاء فعل
فانا و اضافة لغبائي الشديد
طائر غير مهاجر .