تقرير: الصباح
عندما يصبح سعر برميل النفط أقل بنحو النصف من متوسط سعر علبة السجائر في الولايات المتحدة، وفقًا لموقع “نومبيو” المتخصص في الإحصاء ورصد أسعار المستهلكين حول العالم، وأن يتراجع في الوقت نفسه، خام برنت القياسي العالمي، بنسبة 5.6% إلى 26.49 دولار للبرميل فإن تطورا دراماتيكيا قد حدث، وستكون له تداعياته الهائلة على الاقتصاد العالمي، وخاصة الدول الريعية التي تعودت على نمط معين من العيش.
أسباب التراجع
هذا التراجع التاريخي لأسعار النفط في الولايات المتحدةـ، ليس معزولا عن وباء كورونا الذي وجه ضربة قاسية للنشاط الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وقلص الطلب على النفط. فيما أنهت أوبك وحلفاؤها المنتجون للنفط اتفاقًا تاريخيًا في وقت سابق من هذا الشهر لخفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًا اعتبارًا من الشهر المقبل، فيما هناك من يجادل بأن الاتفاق ما يزال غير كافٍ لمواجهة التراجع في الطلب وجاء متأخرًا.
ويبدو أن وجهة النظر التي تعتبر أن اتفاق أوبك حول خفض الإنتاج غير كاف قد تأكدت صدقيتها على الأقل الآن، بتسجل النفط الخام الأمريكي أكبر هبوط له منذ عام 1983، بعد أن وصل سعر البرميل إلى 1.02 دولار، الاثنين.
هبوط تاريخي
ويمكن اعتبار يوم الاثنين 20 أبريل، يوما مشؤوما، عندما سجل سعر برميل النفط الخام الأمريكي هبوطا بنسبة 94% خلال يوم واحد، بعد أن كان سعر البرميل 18.27 دولار الجمعة.
وخلال تداولات اليوم، وقبل لحظات من الإغلاق، تراجعت عقود شهر مايو للخام الأمريكي المعروف بـ”نايمكس” أو “غرب تكساس الوسيط” بنسبة 92% أو ما قدره 16.75 دولار للبرميل لتسجل 1.40 دولار، وهو أدنى مستوى على الإطلاق، بحسب شبكة “سي إن بي سي”.
ومثل انتهاء العقود المستقبلية لمايو، يوم الثلاثاء، عاملا مهما في الانهيار الكبير في أسعار النفط، ما يعزز المخاوف حول القصور بمساحة التخزين.
وأظهر الجزء الأمامي من “منحنى” أسعار العقود الآجلة للنفط، الذي يعبر عن عقود مايو، أنه الأكثر تضرراً لأنه يعبر عن شحنات النفط المقرر تسليمها الشهر المقبل وهو تاريخ يعتقد أن معظم البلاد (أمريكا) ستظل مغلقة فيه بسبب فيروس كورونا.
هلع المتداولين
لكن الخوف إلى جانب القلق الرئيسي من تخمة المعروض العالمي المدعومة بوجود مخزونات كبيرة لدى البلدان، كانت سببًا في تدافع المتداولين في السوق لبيع حيازاتهم من هذه العقود بشكل هلعي، ما دفعها للهبوط الحاد بهذا الشكل. هناك طلب قليل على البنزين من قبل المصافي، وصهاريج التخزين في الولايات المتحدة امتلأت بالكامل تقريبًا.
وكانت وكالة الطاقة الدولية، قد حذرت في تقريرها الشهري الذي يراقبه المتداولون عن كثب، أن الطلب في أبريل قد يتراجع 29 مليون برميل يوميًا مما كان عليه قبل عام، ليصل إلى المستوى الذي شوهد آخر مرة في عام 1995.
كل هذه العوامل هي التي تقف وراء هذا التراجع التاريخي لأسعار النفط، ليبقى المشهد النفطي مفتوحا عل كل الاحتمالات، خاصة إذا لم تعالج الأسباب التي جعلت برميل النفط أرخص من علبة السجائر.