د /ابولقاسم صميدة
هناك صورة متداولة عن المخ وكثيرا ما نراها فى الكتب والافلام وهى مثيرة للفضول ولطرح الأسئلة لتكرارها وهى صورة دماغ يسبح فى وعاء زجاجي خارج الجسد البشرى ، كما لو أن الوعاء يحل محل الرأس ليتحرر العقل من مكانه الطبيعى وينطلق بلا قيد فى ميكانيزم التفكير ، وقد كتب الكثير من الباحثين والدارسين والأكاديميين والأطباء والعلماء كتب كثيرة لتبسيط وفهم آليات عمل العقل الإنساني العجيب ، وقبل ثلاث سنوان وعن دار نشر (هوتون ميلفين) صدر كتاب بعنوان”، العقل الممتد ” للكاتبة ” آني بول” ، وتستهل الكاتبة المؤلف بمحاولة شرح مشهد صورة العقل فى الوعاء فتقول المؤلفة؛ يحل الوعاء محل الجسد الذي يولِّد ما يحتاجه الدماغ من عناصر غذائية، يَستمِد منها قدرته على جمع المعلومات لفهم البيئة المحيطة به. والحواس المختلفة (البصر، والسمع، واللمس، الخ) وهي ما تساعدنا على الحركة في محيطنا بسلاسة، وعلى العثور على مانريد . وحين يقدم صانعو عوالِم الخيال العلمي هذه الصورة، فإنهم يفترضون ضمنًا أن اضطلاع هذا الوعاء بمهمة تلبية الاحتياجات الأساسية للدماغ سوف يسمح بإراحة الدماغ لبلوغ أعلى درجات الذكاء والعبقرية.
اما الواقع، من وجهة نظر الكاتِبة فيختلف عن هذه الصورة، ففي كِتابها تسُوق حُججًا مفادها أن الجسد، والعالَم بشكل عام، يلعبان دورًا في تحديد مدى ذكاء الإنسان. وتذهب المؤلِّفة إلى أن بنية الدماغ البشري تعتريها أوجُه قصور شديدة الخطورة، تحُد من ملَكات التذكُّر، والانتباه، والتعامل مع المفاهيم المجردة. ومع ذلك، فإن قدرات الجزء المعني بالتفكير من الدماغ تمتدُّ إلى ما يتجاوز تلك الأغشية المبطِّنة للجمجمة. وفي ظل التعب وكثرة الانشغالات والارهاق الذهني، يمكننا إفراغ المعلومات خارج رؤوسنا عن طريق تدوين الملاحظات على أوراق لاصقة، أو في هواتفنا النقَّالة، أو أجهزة الكمبيوتر، أو حتى بالتعبير عنها بإشارات اليد. ويمكننا أيضًا تحويل الأفكار إلى أشياء ملموسة كرسومات وعلامات مختلفة الأشكال. وتقول : إن خروج المعلومات من رؤوسنا، وتجسّدها على هذا النحو، يعني أن بإمكاننا التفكير فيها، والتعامل معها من مسافةٍ محايدة، أي دون الاضطرار لدفع الثمن الإدراكي المعرفي الباهظ الذي تقتضيه الحاجة إلى إبقاء تلك المعلومات في مقدمة أذهاننا . وهنا يتخفف الدماغ من عبءٍ كان مفروضًا عليه، ويتفرغ لاستغلال ما أصبح متاحًا لديه من موارد إدراكية إضافية تُعينه على الفهم أو حل المشكلات.
وتتناول بول في كتابها العديد من الحيَل التي يمكن من خلالها تعزيز قدرة الشخص على التذكُّر والتركيز والتحليل. واحدة من بين تلك الحيَل، التي تحظى بتقدير واسع، هي حيلة «قَصْر الذاكرة» وفيها يربط الشخص العناصر المُراد تذكرها بمكان معيَّن، وقد استخدم خطباء الإغريق والرومان القدامى طريقة «المواضع المكانية» تلك لتأسيس ترابُط ذهني بين النقاط المُراد تذكرها في خطاباتهم وبين نوافذ أحد المباني أو واجهات المتاجر في أحد الشوارع على سبيل المثال، ونحن عندما نسافر الى مدن غريبة نحاول ان نحدد معلم واضح وكبير ومعروف لنجعله نقطة انطلاق حتى لا نتوه ، وفى الصحارى يلجأ البعض الى تحديد قمة مرتفع او معلم قديم او وادى او كثبان رملية لتحديد المكان ومعرفة الاتجاه ، وحتى فى مدننا الليبية نلجأ الى معرفة الاماكن بواسطة الكبارى او الاماكن العامة كالمستشفيات او البنوك او جزر الدوران او الطريق السريع الذى صار طريق بطىء ، وقد تحققت دراسات علمية من فعالية تلك الطريقة، التي تبيَّن أنها تقوم على الاستفادة من قدرات نظام المِلاحة الطبيعي في الدماغ. كما كشف علماء الأعصاب الإدراكية أن أبطال العالم في مسابقات الذاكرة، ومعهم سائقو سيارات الأجرة في لندن، تنْشَط لديهم مناطق دماغية مرتبطة بالذاكرة المكانية والتنقل بدرجة أعلى من المتوسط.
ويمكن لحركة بسيط، مثل تحريك اليدين أثناء التحدث، أن يلقي بما تُطلِق عليه بول «الخطاطيف الذهنية» داخل عناصر محاضرة يجب إلقاؤها؛ للمساعدة في اجتذاب معلومة بعينها، أثناء وقوف الشخص عند منصة الإلقاء أمام جمهور المتلقِّين. ويمكن للحركة أن تساعد على التركيز، حتى وإن كانت الحركة من النوع المضطرب الذي قد يَصدُر عن الشخص عند وقوفه أمام مكتب بلا مقعد. لذا، تقول المؤلفة إنها تشفق على الطلاب المُجبَرين على الجلوس خلف مكاتبهم بلا حراك ، والخلاصة نستطيع مساعدة ادمغتنا وتمديد عقولنا وزيادة قدرتها على التذًكر والفاعلية بواسطة كتابة كلمات او حروف او ربط بعض الاحداث بتواريخ واسماء معينة تساعد على التفكير السريع فربط بعض المعلومات بمكان او بزمان او كتابتها على ورقة تساهم فى تخفيف الضغط على العقل وتجعله يتمدد من حيث السعة وسرعة الاستجابة والحفظ .