الوعي هو درجة فهم الذات والآخرين والعالم من حولنا ، وهو الأساس للتطور على المستوى الفردي والجمعي ، وأساس لاتخاذ القرارت السليمة والحكيمة ، وبالوعي تتحسن جودة الحياة واستدامتها ، وهو فهم وادراك ودراية العقل بنفسه والمحيط والعالم وبالأشياء المادية والمجردة ، وهو انفتاح على الماضي والحاضر والمستقبل ، وأساس لكل معرفة ، ومهم جدا لتحديد نقاط القوة والضعف والرغبات الحقيقية بما يعزز الثقة في النفس واتخاد القرارت المتوافقة مع القيم ، ويساعد على التعامل مع القلق والتوتر والغضب والإرهاق بطرق سليمة وصحية ، وهو الالمام باحتياجات الآخرين ومشاعرهم ويعزز التعاطف ويقلل الصراعات والنزاعات والخلافات ، ومهم لتعزيز العدالة الاجتماعية ومكافحة التمييز ، الوعي ليس مجرد معرفة بل عملية دينامكية من الملاحظة والتفكير والتفاعل مع الأشياء والأحداث والناس والعالم ، وهو أداة للتغيير الإيجابي والابتكار والإبداع ، وكلما زاد الوعي زادت القدرات على تحقيق التوازن بين الاحتياجات والمسؤوليات ، وتجنب المخاطر وتكرار الأخطاء ويجنب العواقب الغير متوقعة ، ويساهم في اتخاد القرارت الآمنة والفعالة في الحياة الشخصية والمهنية ، ويساهم بشكل أساسي في بناء عالم أفضل ، والوعي يشكل الأساس المعرفي الذي تبنى عليه المسؤولية ، وتترجم المسؤولية الوعي إلى أفعال ملموسة تؤثر في الذات والمجتمع ، والمسؤولية إلتزام أخلاقي واجتماعي بالتصرف بطرق تحترم حقوق الآخرين والبيئة ، لذا بالضرورة الاستثمار في الوعي لتنميته لدى الأفراد والمجتمعات لتحقيق التنمية المستدامة والتقدم المجتمعي ، وتعزيز المعرفة والفهم النقذي واتخاد القرارت المستنيرة في شتى المجالات الحياتية وأهمها التعليم والصحة والبيئة والثقافة والاقتصاد ، إن الاستثمار في الوعي مهم لمساعدة الناس لفهم واجباتهم وحقوقهم ومسؤولياتهم ، ولتحقيق المشاركة المجتمعية ورفع القدرات الإنتاجية ، وتطوير المهارات الفكرية والابداعية ، ومهم في مواجهة التحديات والتهديدات والتغييرات المناخية ، والكوارث الطبيعية ، والأزمات الاقتصادية والصحية ، ويجعل الفرد والمجتمع يتبنوا السلوكيات الصحية الوقائية ويعملون بها ، والاعتماد على التغذية السليمة المتوازنة ، وإتباع أنماط حياة صحية ، والاهتمام بالصحة النفسيه والتعامل مع الاضطرابات مثل القلق والتوتر والاكتئاب ، والحرص على ممارسة الرياضة والنوم الكافي ، والوعي بمخاطر التدخين والمخدرات والكحول والسمنة والكسل ، والأمراض المزمنة والوراثية والجينية ، وخطورة استعمال المضادات الحيوية بالشكل الغير صحيح ، والوعي بأهمية الكشف المبكر واللقاحات ، والرعاية الصحية الأولية والصحة العامة ، والصحة الإنجابية والتعامل مع الأوبئة والجوائح والالتزام بالاحتياطات الاحتراززية ، واتباع الإجراءات الوقائية من الأمراض المعدية وأسبابها وطرق انتقالها ، الوعي مهم في استخدام التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة والوسائط والتطبيقات والمنصات الإلكترونية ، والذكاء الاصطناعي ، والتعامل مع المعلومات والبيانات والاخبار والدعاية والإعلانات ، وتحديد الاحتياجات الحياتية وتأثيراتها على الصحة والبيئة ، وتبني السلوكيات التي تقلل من التلوث واستنزاف الموارد وتقليل الهدر ، وترشيد الاستهلاك للطاقة ، وحماية التنوع الحيوي والاستدامة البيئية ، إن الاستثمار في الوعي ليس ترفا بل حاجة ملحة لمواكبة التعقيدات الحديثة المتلاحقة التي تفرضها التكنولوجيا والتطور المعرفي والتقني والعلمي والاقتصادي ، وهذا يتطلب إعادة النظر في التعليم الذي يجب أن يكون مرتكزاً على التفكير النقدي والبحث والإبداع والابتكار والتفاعل وليس التلقين والحفظ ، والصحة الواحدة للفرد الواحد والاكترونية المرقمنة والاستباقية والتنبؤية تكافح الأمراض وتمنعها وتطيل متوسط الأعمار ومعززة للصحة وتحسينها ، والاقتصاد على أن يكون معرفي وانتاجي وتنموي ، وليس استهلاكي ينشر الأمراض والسلوكيات السلبية والكسل والخمول وما ينتج عنهم ، وإعلام متطور يدعم الوعي ويساهم في تعزيزه وإنتشاره وتمكينه ، وضرورة الاستثمار في الثقافة والفنون والمسرح والموسيقى والمكتبات والندوات والمهرجانات ، والحفاظ على التراث والتاريخ وتعزيز الهوية والانتماء ، الوعيُ مِنْ أَجَلِّ النفائسِ وأزكى الغرائزِ ، لا أمنَ إلا به ومعَه ، ولا سلامةَ إلَّا لمَنْ عُني به واتَّبَعه ، والوعيُ هو الحفظ الدقيق والفهم البليغ والوعي هو المظلة والمنارة لحياتنا …
د.علي المبروك أبوقرين