منصة الصباح

الواسطة والمحسوبية… بين واقع المؤسسات العامة ونصوص القانون الليبي.

 

بقلم : آمنة الهشيك /أستاذة قانون

 

في ظل الواسطة والمحسوبية ، أضحت التعيينات والترقيات والتفويضات تقاس بكلمات مفتاحية (أنا من طرف فلان )، تتحول الفرص إلى مكافآت تمنح بحسب العلاقات ، دون أدنى اعتبار للكفاءات ، فتقضي على ما تبقى لدى البعض من دوافع ومحفزات ، نجد من يتولى منصب إداري باللوائح التنظيمية والتنفيذية للمؤسسة لا مبالي ، فيؤدي لتداخل الاختصاصات  ليترك انطباعًا للموظفين بعدم الاكتراث ، مما يؤدي إلى ضياع الوثائق وفقدان المستندات .

جرم المشرع الليبي في القانون رقم (6) لسنة1985م (الوساطة والمحسوبية ) وهي تعني المحاباة والتفضيل في توزيع الفرص ،وبحسب نص المادة (1) من ذات القانون يقصد بها” كل ما من شأنه التأثير على استحقاق منفعة أو خدمة تقدمها الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة ذات النفع العام، بقصد منعها أو تعطيلها، أو الإخلال بحق الأولوية في الحصول عليها ” وبشكل عام لا نرفض الوساطة التي تكون بدافع  إنساني وأخلاقي بشرط أن تكون دون تفضيل مع مراعاة الكفاءة بدون الاعتداء على حقوق واستحقاق الآخرين.

ويعاقب علي هذه الجريمة في المادة (2) وهي “الحبس لا تزيد عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تجاوز خمسمائة دينار أو بأحدهما  ، كما ورد النص في ذات المادة أن  من تمت الواسطة والمحسوبية لمصلحته وضعه في آخر قائمة المستحقين كما يجوز الحكم باسترجاع ما تحصل عليه من منافع بسبب الواسطة والمحسوبية ..

كما تندرج هذه الجريمة ضمن جرائم الفساد في القانون الخاص بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رقم (11) لسنة (2014)في المادة (3) حيث نص في الفقرة (ح) يعد من جرائم الفساد ماورد في  القانون رقم (10)بشأن التطهير لسنة 1990م ، وقد تم النص صراحة على الوساطة والمحسوبية في المادة (16) من القانون (10).

ومع كل النصوص التي تجرم هذا السلوك إلا أنها في الواقع تعد مجرد نصوص قانونية مهجورة ، فهي من الأفعال الأوسع انتشارا في المؤسسات العامة، وربما يكون أحد أسباب انتشارها أنه لا يمكن إثبات وجودها بأدلة وبراهين مادية دامغة.

لذلك فأحد أهم الخطوات للقضاء عليها هو تعزيز مبدأ الشفافية والنظر للشكاوى المقدمة من  أي مواطن أو موظف بعين الاهتمام والمتابعة والتنسيق بين جميع الأجهزة الرقابية في كافة المؤسسات إلى جانب التطبيق الفعلي للقانون.فلا بد أن يعلو صوت الحق على المحسوبية والتمييز ضد البعض .

ولنا في رسول الله وصحابته الكرام أسوة حسنة ، من ذلك قصة بلال بن رباح رضي الله عنه أول مؤذن في الإسلام ،  فقد كان عبدا لأمية بن خلف ، ومع ذلك أصبح له مكانة عظيمة بين المسلمين، وأبا هريرة رضي الله عنه فقد كلف من الرسول بمهمة الدعوة لما يتميز به من سرعة الحفظ وقوة الذاكرة على الرغم  من أنه كان فقير معدم ولم يكن ذا حسب وجاه إلا أن كفاءته كان لها الأولوية.

اختياره لسعيد بن زيدليكون من القادة  في معركة أحد رغم نسبه البسيط فالبرغم ما يتسم به المجتمع المكي من جهوية وقبلية إلا أنه استطاع القضاء مظاهر العنصرية بتطبيق مبدأ العدالة .

شاهد أيضاً

حمزة يؤكد حاجة ليبيا الماسة للتعاون مع دول الجوار

أكد آمر اللواء 444 قتال، ومدير الاستخبارات العسكرية محمود حمزة، حاجة ليبيا الماسة لمزيد من …