في وقت يعاني فيه الاقتصاد الليبي من تحديات كبيرة، أصبح التركيز على المشاريع الصغرى، خاصة في القطاعين الصناعي والخدمي، أملًا حقيقيًا للحد من البطالة وتنشيط السوق المحلي. مع تزايد الحاجة للخدمات اليومية والمنتجات المحلية، تبرز العاصمة طرابلس كمركز حيوي لاستقبال هذه المشاريع التي تتطلب استثمارات صغيرة ومخاطر منخفضة.
تشير الدراسات الاقتصادية إلى أن هناك طلبًا متزايدًا على خدمات مثل التنظيف، الصيانة المنزلية، خدمات التوصيل، والطباعة المتنقلة. كما أن الصناعات الصغيرة مثل إنتاج مواد التنظيف، وصناعة الأثاث المعدني والخشبي، وتصنيع أكياس التعبئة الصديقة للبيئة، تحظى بفرص كبيرة للنمو في السوق المحلي.

وفي بعض المناطق في طرابلس، مثل الهضبة وسوق الجمعة وحي الأندلس، ظهرت نماذج ناجحة لمشاريع صغيرة تم تأسيسها في ظل إمكانيات محدودة، ولكنها استطاعت تحقيق النجاح من خلال تقديم خدمات مميزة والتركيز على الجودة.
في طرابلس، ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من المشاريع المحلية التي تخصصت في تقديم خدمات تجهيز الطعام والتوصيل، وهو قطاع شهد توسعًا ملحوظًا بفضل الطلب المتزايد على الأطعمة المتنوعة والمميزة. تشمل هذه المشاريع تقديم الحلويات، الطعام الصحي، والطعام المعد خصيصًا للمناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية، حيث بدأ عدد كبير من أصحاب المشاريع الصغيرة في تقديم خيارات مبتكرة تلبي احتياجات الزبائن في هذا المجال.

كما برزت مشاريع متخصصة في تقديم الوجبات الصحية والشهية بشكل مريح، بما في ذلك وجبات خفيفة وعصائر طبيعية، تستهدف الأشخاص الذين يبحثون عن خيارات غذائية صحية. وفيما يتعلق بحفلات المناسبات الخاصة، توفر هذه المشاريع خدمات متكاملة تشمل إعداد قوائم طعام مخصصة وتوصيلها للمناسبات بأعلى معايير الجودة، ما ساهم في ازدهار السوق المحلي وجذب عدد كبير من الزبائن.
وقد أظهرت هذه المشاريع قدرة كبيرة على التوسع، لا سيما مع تزايد الطلب على خدمات التوصيل عبر الإنترنت، مما جعل من السهل على الأفراد تنظيم حفلاتهم ومناسباتهم الخاصة دون الحاجة للقلق بشأن إعداد الطعام، مما يفتح المجال أمام فرص جديدة للأعمال الصغيرة في طرابلس.
في الهضبة، بدأ شاب ليبي ورشة لصناعة المنظفات التي كانت تقتصر في البداية على التوزيع المحلي، لكنه استطاع أن يوسع عمله بفضل الاعتماد على المواد الخام المحلية والتسويق الإلكتروني الفعّال. وفي حي الأندلس، أُطلق مشروع غسيل ملابس منزلي نجح في تلبية احتياجات المنطقة، وذلك بسبب توفير خدمة سريعة وبأسعار تنافسية.

و من أجل تسريع نمو المشاريع الصغرى في طرابلس، ينصح الخبراء بتوفير برامج تدريبية شاملة في مجالات الإدارة والتسويق والإنتاج، بالإضافة إلى ضرورة توفير تمويلات مناسبة من خلال الشراكات مع المؤسسات الدولية والحكومات المحلية. كما يشددون على أهمية إرساء بيئة تشريعية داعمة تساهم في تشجيع الابتكار والمشاريع الجديدة.
تمثل المشاريع الصغرى في طرابلس فرصة حقيقية للنهوض بالاقتصاد الليبي، حيث تلبي احتياجات السوق المحلي وتساهم في تخفيف البطالة. مع استمرار الدعم والتطوير لهذه المشاريع، يمكن أن تتحول إلى نماذج ناجحة يُحتذى بها في كافة أنحاء ليبيا.