منصة الصباح
«حرق المرتبات» .. «ربا» ينمو في ظل فساد المنظومة المصرفية

«حرق المرتبات» .. «ربا» ينمو في ظل فساد المنظومة المصرفية

استطلاع/عواطف علي


رغم إعلان المصارف التجارية عن توفير سيولة نقدية للمواطنين، إلا أن الواقع اليومي يكشف عن مشهد مختلف، تقف فيه طوابير الانتظار الطويلة عاجزة عن إرواء عطش المواطنين للنقد الورقي، وتكشف أن التحول الرقمي الذي يبتغيه مصرف ليبيا المركزي ما يزال في بواكيره، بعيدًا عن نيل المراد المرجوّ.

وفي ظل هذا الحال، يلجأ المواطنون لأساليب «غير قانونية» تفرضها الحاجة، بصرف مرتباتهم نقدًا من محال صرافة، فيما يسمى «الحرق»، المطرد يومًا بعد يوم، بدفع من مقتضيات الحياة اليومية وملامح فساد ينخر عظم المنظومة المصرفية.

أزمة تتكرر

يقر المواطن «مصطفى عثمان» بأن الحصول على السيولة بات معاناة يومية، موضحًا:
“يُمنح المواطن شيكًا بقيمة ألفي دينار، بينما لا تتوفر في آلات السحب الذاتي سوى ألف دينار فقط، وفي كثير من الأحيان لا تُشحن الماكينات بالسيولة الكافية، ما يضطر المواطن للجوء إلى السوق الموازية”.

مصطفي عثمان
مصطفى عثمان
اتهامات خطيرة

«مصطفى عثمان» يذهب أبعد من ذلك، موجهًا اتهامات صريحة لبعض موظفي المصارف، معتبرًا أن ما يجري هو “رزق حرام”، على حد وصفه، حيث يتم بحسب قوله تهريب حصة المواطن من السيولة النقدية ومنحها لمكاتب الربا.

ويشرح آلية الربح قائلًا إن مكاتب الربا كانت تحقق خلال الفترة الماضية أرباحًا تصل إلى 200 دينار عن كل ألف، يتم تقاسمها بين صاحب المكتب وبعض الموظفين المتورطين، ما يعني أن أرباحًا تقدر بمئات الآلاف من الدنانير تُجنى على حساب المواطن البسيط.

سياسات المركزي تحت المجهر

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي «محمد درميش» أن الأزمة أعمق من مجرد نقص سيولة، ويحمّل مصرف ليبيا المركزي مسؤولية سوء إدارة حركة دوران الأموال، مؤكدًا أن هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات طويلة من السياسات الخاطئة.

محمد درويش
محمد درميش

ويشير إلى ملامح أخرى في الأزمة، منها ازدواجية الأسعار في السوق الليبي، مناديًا بتطوير منظومة مصرفية حديثة وفرض سياسات ناجعة تضمن التوسع في الخدمات الإلكترونية التي ما تزال في طور الحبو.

بين الخلل والآمال

بين غياب السيولة، وتفشي معاملات تحمل صفات «الربا»، وتبادل الاتهامات وعجزٍ بادٍ للمركزي، يبقى المواطن الحلقة الأضعف في معادلة مصرفية مختلة، تنتظر إصلاحًا حقيقيًا يعيد الثقة إلى القطاع البنكي، ويضع حدًا لمعاناة يومية لم تعد تُحتمل.

هذا الإصلاح يراه مختصون ضرورة مستعجلة لا تحتمل التأخير، وبالرغم من إمكانية حمله قرارات قاسية، إلا أنه يظل الكوة الوحيدة الحاملة لأمل في غد أفضل.

شاهد أيضاً

إعادة افتتاح المتحف .. تعزيز للهوية الوطنية وإستعادة للذاكرة الجمعية

إعادة افتتاح المتحف .. تعزيز للهوية الوطنية واستعادة للذاكرة الجمعية

استطلاع/ نفيسة حمزة بعد أكثر من عقد من الإغلاق، عاد المتحف الوطني الليبي ليفتح أبوابه …