المتعلم والحياة في الماضي
مع قهوة الصباح
بقلم: د. المهدي الخماس
العالم متنوع سياسيأ وأخلاقيا واقتصاديا وحتى أشكال البشر. والعالم يتعلم من خبرات الماضي الناجح منها والفاشل. وتُخْلق أجيال ترفض الماضي وتعقبها أجيال أخرى تحن اليه حسب فهمها للتاريخ ويستمر تطور المجتمع. ولكن حضراتنا نصر أن لوننا هو الأجمل وأن سلالتنا هي الأرقى. ولازلنا ننعي جمال عبدالناصر وصدام حسين ونكتب أبحاث الدكتوراه في سيرة حافظ الأسد وفي ليبيا ننعي الملك وننعي معمر القذافي ونتحسر على أيامه وحذائه على شاشة التلفزيون. وكأننا لم يمر بِنَا أي حاكم أخر أو عشنا حضارة أخرى.
عشنا قبل الاسلام ومرت ليبيا بحضارات عديده وعلقت صدور نسائها على سُوَر مدينة المرج انتقاما من المعارضه التي قتلت الحاكم، وفي فترات زمنيه ملكت ليبيا البحر وقرصنت وخوفت دول كبرى.
ومرضت الدوله العثمانية ودخل الطليان وحاربهم البعض وتتطلين البعض الاخر واخاهم البعض بحجة الشق السياسي للمقاومة وهاجر البعض. وحصل الاستقلال تحت نظام ملكي وبدأت خطوات الدوله الحديثه في التكوين. بدأت بوجود ملك وحوالي مليون وربع انسان اغلبهم لايعرف القرأه وشهادات قليله وعدد لابأس به من الحيوانات. ومع ذلك حاولوا بناء وطن. وبعد 60 سنة حلمنا بعمارات دبي واستيقظنا في مخيمات النازحين وحلمنا بالديموقراطية واستيقظنا في أحضان الإستبداد ونشتكي الفساد ونشاركه حجرة النوم ونشتكي السرقة ونمجد التمشيط.
العجوز والشايب المعتمدين على نقود الخدمات الاجتماعيه كانوا مرتاحين في أمن وامان ومرتب شهري. يعني العلف متوفر ولا لهم في مواضيع الحريه والابداع والتقدم والاشياء الاخرى. أفهم ظروفهم ولهم الحق فيما يطلبون حتى لو كان الرجوع الى الماضي.
ولكن لدي صعوبه في فهم المتعلم الليبي. المتعلم الذي يعرف معنى الحريه ومعني الكرامة والإنسان والتنميه البشريه. المتعلم الذي يعرف معنى الوطن والمواطنه والبناء. المتعلم الذي يعرف الإنسانيه والعدل وبعض المعرفه بالتاريخ ومعنى التقدم والابداع.
هذا المتعلم والذي يعرف ان للدول أعمار. يعرف ان بريطانيا كانت لاتغيب عنها الشمس والأن أسكتلندا تحاول الانفصال ورئيس وزرائها اليوم من أصول هندية وزوجتة ليس لديها الجنسية الإنجليزية. ويعرف تاريخ فرنسا وإيطاليا ومستعمراتهم. واليوم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والذين يزيدون عن ٢٧٠ مليون يعيشون على ارض مساحتها اقل من مساحة ليبيا (0.9% ). ومع ذلك هذا المتعلم يتحدى الشيطان في طرق تخريب وطنه.
يعرف كل هذا ويغيب عن طلابه ثلاث محاضرات متتالية من 12 محاضرة في السيميستر (يعني يسرق من الطلبة ربع الوقت والمنهج). المتعلم الذي يشتري شهادة مزورة ويخاصم بها ليكون مربيا لجيل المستقبل. المتعلم الذي يخرج قريبه من السجن بعيدا عن قاعة المحكمة ليصبح ملحقا محترما في سفارة. المتعلم الذي يدمر بلده بدون رحمة وشفقة.
جيلي ومن هم أكبر سنا علينا الخروج من وسط الطريق حتى تتمكن سيارة الإسعاف وشبابها من إنقاذ الوطن الجريح. من ليس لديه نصيب في القرأة والكتابة وشعل شمعة في الظلام فلديه نشاطات أخرى تنتظره. نشاطات كثيره تحتاج الكثير من الوقت لادائها. لديه تعازي، وعقود قران، ومشاكل إرث، وحدود ارض، ومسارات، وفروسيه، وزجل شعبي، وكشك، ومواعيد بازين ولحم على المفاصل، وخربقه، وكارطه، وفيس، وفلسفه، واجترار الماضي. ربما استشارات بسيطه في أشياء بسيطة نفهمها بحكم تراكم الخبرة والمعلومات. علينا ترك الشباب يبنوا وطنهم. بلاش تسكير راس وغلق الطريق امام شبابنا وهم المستقبل بعينه .