منصة الصباح

الله يا طرابلس

عبد الرزاق الداهش

يُقال إن الخليفة المعزّ لدين الله الفاطمي قد توقّف ذات ترحالٍ بمدينة طرابلس،

وكان المعزّ قادمًا من مدينة القيروان التونسية، بعد أن قضى أكثر من عشرين عامًا، في مدينة الأغالبة.

أحبَّ الخليفة الفاطمي طرابلس، تلك المدينة السريعة الذوبان في القلب.

وسيطرت عليه فكرة أن تكون طرابلس عاصمةً للدولة الفاطمية، ولمَ لا؟ “طرابلس المعزّ” على وزن “قاهرة المعزّ”.

كان جوهر الصقلي قائد جيش المعزّ، وهو من أقنعه بعدم صلاحية طرابلس لتكون عاصمة، لأنها مدينة مطلّة على البحر، ومعرّضة للغزوات.

تابع الخليفة مسيرته إلى مصر، وهناك أسّس مدينة القاهرة، التي تُعرف أيضًا بـ”قاهرة المعزّ”.

غير أن طرابلس، التي أكل المعزّ من خبزها، وشرب من مائها، وشمّ رائحة ليمونها، ظلّت مستلقيةً في شرفة قلبه.

فأرسل الخليفة قائد جنده، ناقة محمّلة بالذهب، إلى المدينة التي لا تصلح إلا للحب.

وبالفعل، عاد جوهر الصقلي إلى المدينة لتسليم أهلها هدية الخليفة، ومساعدتهم في ترميم أو استكمال أسوارها.

كما تم بناء مسجد سُمِّي بـ”جامع الناقة”، وهو معروف في المدينة القديمة.

وعندما عاد أحد أشهر القادة العسكريين الفاطميين إلى القاهرة، أخبر الخليفة بما قام به في تحصين طرابلس،

فقال المعزّ لدين الله الفاطمي كلمته: “إنها لمحروسة.”

ندعو الله أن تظل طرابلس محروسة،

وليبيا محروسة،

وأفضل الأسوار هي حبّنا لهذه المدينة، وحبّنا لليبيا.

وعلى قول الشاعر علي صدقي عبد القادر: “يَحيا الحُب.”

شاهد أيضاً

النموذج النرويجي و النموذج الليبي اين الخلل؟ 3-3

عبدالسلام الغرياني فساد الطبقة السياسية الليبية – النهب المنظّم وتفكيك الدولة لا تكتمل صورة الأزمات …