الكاتبة أحلام الكميشي
يعود ملف الهجرة للهيمنة على العلاقات الأفريقية الأوروبية بقوة، فبينما يحتفل العالم باليوم الدولي للمهاجرين، تتجهز موجات جديدة لاكتساح الحدود الليبية النيجرية بصورة غير نظامية انطلاقًا من (أغاديس) لكن.. هذه المرة بعلم حكومة النيجر ومباركتها لأجل تسويات سياسية ستتحمل ليبيا تبعاتها دون أن تكون طرفًا فيها.
قرار المجلس العسكري الانتقالي في النيجر بإلغاء القانون رقم 36 الصادر في مايو 2015م بشأن الاتجار غير المشروع بالمهاجرين تبعه الإعلان عن إجراءات تنفيذية، حيث صرح رئيس المجلس “عبد الرحمن تشياني” أن “الإدانات الصادرة بموجب القانون المذكور وآثارها سوف تُلغى”، ليضيف الأمين العام لوزارة العدل أن وزارته ستضطر لإطلاق سراح جميع المدانين بموجب القانون، ما يعني عودة كثير من المهربين لإحياء نشاطاتهم من جديد بدليل ترحيب أهالي أغاديس بهذه الخطوة التي وإن زادت من شعبية المجلس العسكري محليًا، إلا أنها ستعمق الفجوة بينه وبين الاتحاد الأوروبي الذي ما أن فشلت مجموعة (إيكواس) في فرض حل سلمي أو عسكري في النيجر لإعادة “بازوم” للسلطة بعد إبرام الحكام العسكريين في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، “ميثاق ليبتاكو – غورما” للدفاع المشترك، أعلن عن قطع الميزانية التي رصدها في يوليو 2022م لدعم النيجر في إطار التصدي لتهريب المهاجرين لمدة 6 سنوات وبقيمة 195 مليون يورو.
وتشكل النيجر المعبر الرئيسي لمواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والمكونة من 15 دولة ليس لأي منها حدود مع ليبيا باستثناء النيجر، ما يعني امكانية تنقل ما لا يقل عن 349 مليون نسمة بحسب إحصائيات البنك الدولي لسنة 2015م داخل كامل هذه المجموعة ببطاقة هوية فقط وصولا للحدود الليبية النيجرية مباشرة أو وصولا للحدود المالية الجزائرية ثم الانتقال إلى ليبيا، حيث تشير تقارير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن 72% من المهاجرين من النيجر و17% من نيجيريا يمرون عبر أغاديس وأرليت.
في 2016م وخلال سريان القانون المذكور، ظهر “ريسى آغ بولا” مستشار الرئيس النيجري “محمد إيسوفو” للمسائل الأمنية على قناة (فرانس24)، وقال أن (جزءً من سكان النيجر ينشطون في تهريب المهاجرين وأغلبهم صغار السن، إذًا هؤلاء الشباب ليس لدينا عمل نقدمه لهم، إنها معضلة حقيقية، نحن نقول إنه إذا لم يجد هؤلاء الشباب ما يقومون به فسيخلقون لنا مشاكل أخرى قد تتسبب في زعزعة استقرار البلاد، لهذا نقول إن العمل مع المهاجرين قد يشغلهم بعض الشيء)، مؤخرًا أسس “بولا” وزير الدولة السابق وأحد أهم قادة الطوارق وزعماء أغاديس حركة (مجلس المقاومة من أجل الجمهورية) بهدف استعادة الحكم من المجلس العسكري الحالي.
وعندما أعلن المجلس الرئاسي الليبي في يوليو الماضي عن اتفاق على وضع رؤية استراتيجية موحدة لمكافحة الهجرة غير النظامية بتعاون إقليمي ودولي، أغفل ذكر التفاصيل عن كيفية وحجم هذا التعاون الإقليمي والدولي، وفي ظل التهديد الذي يشكله استخدام السلطات في النيجر لملف الهجرة ورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي وتصعيد المواجهة مع فرنسا التي تخسر تباعَا معاقلها في أفريقيا لصالح التمدد الروسي والصيني، لم تفصح ليبيا عن إجراءاتها التنفيذية وفق هذه الرؤية الاستراتيجية لمواجهة الموقف وإدارة الأزمة المرتقبة.
أحلام محمد الكميشي