بقلم / عبد الرزاق الداهش
عندمـــا تتعدد الأســـماء لمسمى واحد في القاموس الشعبي، فلا يشـــيء ذلـــك إلا بحقيقة واحـــدة، وهي كثرة الاســـتعمال.
وإذا قلنا الزقية، الهراوة، العصا، المســـواق، الحبـــل، فإننـــا نتكلـــم عـــن جســـم واحـــد، وهذه فقط بعض مسـمياته.
وهذه ليست أداة العنف الوحيدة.
الطفـــل عندنا يتعلـــم كل أســـماء الحيوانات البليـــدة في معجـــم الموروث الشـــعبي، ليس في حديقـــة الحيوان.
وداخل البيت يســـمع مفردات ازدراء أخرى، بســـبب الكميـــة العالية من العنـــف اللفظي، هذا غيـــر مـــا يتعرض له مـــن عنف مادي.
وفـــي المدرســـة الأمـــور ليســـت أفضـــل، فالطفـــل يتعلـــم الفلقة، والوقوف علـــى الحائط، والضـــرب علـــى رأس الأصابـــع، قبـــل أن يتعلـــم جـــدول الضـــرب.
وهكـــذا يتـــآكل الـــرادع الداخلـــي، ونصبـــح دائمـــا في حاجـــة إلـــى الخارجي الـــذي يضبط ســـلوكنا من المدرسة، إلى الشـــارع، وليس نهاية بمؤسســـة العمل.
فعندمـــا يغيب المعلم الذي يســـتخدم العصا أكثـــر مـــن الطابشـــير، لابد أن يحـــدث الانفلات في المدرسة.
وعندمـــا يغيـــب شـــرطي المرور الـــذي يفتح كعب المخالفـــات، ولا يغلق عينه عن المخالفين، قد لا تجـــد من يحترم قوانين الســـير.
وعندمـــا يغيب صاحـــب العمل الـــذي يتابع، معـــدلات الانتـــاج، وجـــودة الأداء، فلـــن تجـــد لا جـــودة أداء ولا عمـــل.
وفـــي غيـــاب الإلزام الأخلاقـــي،يرتفـــع منســـوب العنـــف اللفظـــي فـــي الشـــارع، وفـــي مدرجـــات كرة القدم ، وفـــي مواقع العمل، وحتى في صـــالات الأفـــراح.
ولهـــذا فـــإن تعبيـــرا مثـــل: (شـــعب يبـــي العصـــا)، تعكـــس ثقافـــة اســـتخدام الأذى كأداة لتوجيـــه الآخـــر، أو لإرغامـــه.
وعمومـــا فالذيـــن لا يحترمـــون القانـــون، ويخافـــون فقـــط مـــن العقوبـــات المترتبـــة على مخالفتـــه، هـــم الأكثـــر قابليـــة للدكتاتوريـــة.