منصة الصباح

الطريق الى ليبيا

بقلم : جمال الزائدي

 

 

في الفكر السياسي ، والعمل السياسي قديمه وحديثه ..تعد الحروب والتحركات العسكرية ، أداة من أدوات السياسة .. لذلك فكثير من الحروب المحلية والاقليمية وحتى الدولية تشتعل بقرار سياسي وتنتهي بقرار سياسي .. هذه قاعدة تسري على جميع أنواع الحروب بما في ذلك حروب التحرير إبان حقبة الاستعمار التي أقفلت ملفاتها بمفاوضات ثنائية أفضت إلى إعلان الاستقلال والتحرير..

مايحدث في ليبيا منذ عقد تقريبا ليس سابقة في تاريخ البشرية المعاصر .. بلدان عدة في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية خاضت حروبا أهلية شرسة كالتي نعيشها و إنتهت معظمها بتسويات سياسية عادلة أو مشوهة ..

ولعل المثال الرواندي والمثال الجنوب افريقي الماثلين في ذاكرة الاجيال الحالية ، افضل نموذج لما يمكن ان تمنحه الحكمة السياسية والمخارج السلمية من نتائج ايجابية تعود على الجميع بالخير والفائدة ..

المقارنة بين مايجري في ليبيا وبين ماجرى في ذينك البلدين اللذين تنازعتهما العنصرية والحساسية العرقية ، فيها الكثير من المبالغة والتجاوز للموضوعية ، فالمشكلة هنا لاتتعدى  – حتى الآن –  المنافسة على النفوذ والسلطة والمال بين شخصيات طموحة وكتل قبلية وجهوية وايديولوجية ترى في نفسها الاجدر بقيادة مرحلة مابعد الفوضى .. بيد أن مايعقد الأمر ويضفي على الصراع كل هذه القسوة والوحشية أن القرار في شقيه السياسي والعسكري لم يعد منذ سنوات قرارا محليا صرفا للأسف ..

فريق كبير من اصحاب القرار الداخلي ، لايستوعبون فكرة أن الحرب ليست أسلوبا ذي جدوى لحل المشاكل السياسية ضمن نطاق الوطن الواحد ..وبحكم الخلفية العسكرية غير المطعمة بالحس السياسي والاجتماعي السليم يعتقدون ان الاستيلاء على الجغرافية يمكن ان يجبر المنافسين على الخضوع للمنتصر .. وبالتالي لن يكتشفوا – قبل حلول المصيبة – أن خيار القوة في حل الخلافات هو خيار عدمي وكارثي لجميع الاطراف..

فليكن أن العامل الخارجي ، عامل مهم ومؤثر ..لكنه في نهاية الامر لن يكون ذي قيمة وأهمية إذا لم يجد تربة خصبة يمارس فيها فعله وفاعليته .. وقد يكون الوقت متأخرا قليلا لكن استعادة زمام المبادرة الوطنية من خلال الوعي بأن مصيرنا ومصير بلادنا لا يهم أحدا غيرنا ، مازال مخرجنا الوحيد من دوامة التيه التي ندور في حلقاتها المفرغة ..

الحلفاء في اوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين ودول الجوار وحتى الصومال وجزر المالديف جميعهم لديهم مصالح في بلادنا ، لكن مصالحهم ليس بالضرورة ان تتقاطع مع مصالحنا ..لذلك فالحل لايمكن الا ان يكون ليبي – ليبي ..ولا يمكن الا ان يتم بغير القاء البنادق جانبا والجلوس وجها لوجه على طاولة واحدة والعودة لارادة الليبيين عبر انتخابات حرة نزيهة وفق دستور ثابت يتوافق عليه الجميع .هذا طوق نجاتنا الاكيد وكل ماعداه مزيد من الضياع ..

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …