منصة الصباح
الشاعر مصطفى جمعة لمنصة الصباح: صوت الكلمة الهادفة خفت وطغى عليها ضجيج

الشاعر مصطفى جمعة لمنصة الصباح: صوت الكلمة الهادفة خفت وطغى عليها ضجيج

الصباح/ حنان علي كابو

أكد الشاعر الليبي مصطفى جمعة أن صوت الكلمة الهادفة قد خفت وطغى عليها ضجيج وصخب لا يُرى في الأدب إلا ترف زائد يهتم به طائفة من الحالمين المنعزلين عن الواقع، مشيرا إلى أن الأدب يجب أن يكون مرآة تعكس واقع المجتمع وتطرح قضاياه ومشاكله.

كما أكد مصطفى جمعة أن تأثير الكلمة قد تلاشى في المجتمع، وأن الأدب لم يعد يلعب دورًا مهمًا في تشكيل الوعي والفكر، مضيفا أن الأدب الحقيقي هو الذي يلامس هموم الناس ويحاول أن يقدم حلولًا لها.

كما انتقد المجاملة والتزييف والنفاق في المشهد الثقافي الليبي والعربي، مشيرا إلى أن الجوائز الأدبية تشوبها الكثير من المشاكل مثل التحيز والافتقار إلى الشفافية.

عن السردية التعبيرية، هذا النص الهامس من أعالي الروح ،وعن دوافع الكتابة.. وعن واقع الادب في ليبيا والعالم العربي كان هذا الحوار معه …

الأدب ترف زائد

هل لازال للكلمة تأثيرها وقوتها في هذا الزمن خاصة مفردات الشاعر ؟

لا للأسف، في الواقع لقد خفت صوت الكلمة الهادفة التي تحمل قضايا هامة وطغى عليها ضجيج وصخب لا يُرى في الأدب إلا ترف زائد يهتم به طائفة من الحالمين المنعزلين عن الواقع، فمنذ متى كان للكلمة تأثيرها في مجتمعنا؟ منذ متى كان للشعر أو الأدب أو الفلسفة قيمة تُذكر في واقعنا المعاصر؟ هل قامت بدور في تحديد اتجاهات مستقبلنا وبناء مجتمعاتنا؟ لا، على الإطلاق؛ أدباؤنا ومفكرونا يأتون .. يتكلمون .. يكتبون .. يطرحون رؤيتهم محاولين تنبيه الناس أنهم بحاجة إلى إعادة صياغة مفاهيمهم وتغيير طريقة تفكيرهم، وأنهم يعيشون في عالم يموت فيه ويندثر من لا ينجح في استخدام عقله، ثم يرحلون بصمت فيرثيهم حتى من لا يعرف من هم ثم ننساهم ونواصل عبثية حياتنا.

أما الشعراء فهم في كل واد يهيمون أفرغوا المفردات من محتواها والكلام من معناه وتاهوا في ظلمات المجاز وأُغرِقوا في الرمزية، فلا تجد اليوم في بلدنا شاعرًا واحدًا تستطيع أن تصنفه.

انتماء اللغة

متى يشعر الكاتب بالانتماء الشعري ؟

عندما يشعر الشاعر بانتماء ما .. لا يعود شاعرًا، فالشاعر الحقيقي إنسان لا منتمٍ، ليس له حيز ولا يحده فضاء، وإذا كان هناك انتماء حقيقي للشاعر فهو انتماؤه للغة.. لغته هو.. إنه لا يدين بوجوده وبكلماته لأحد إلا إلى لغته.. وقد يفقد هذا الانتماء إذا أغوته الاتجاهات التي لا يراد منها إلا إبعاده عن قضاياه ورسالته وتفريغ شعره من محتواه.

الشاعر كائن قلق غير مستقر قد يكون مضطرب الوجدان لكنه لا يفقد أبدًا عمق الرؤية وإمكانية الحلم.

الأدب الحقيقي غير قادر أن يرى النور

قلت في حوار سابق … المجاملة والتزييف والنفاق والمآرب الرخيصة هي معايير تصنيف الأديب في ليبيا، أليس هذا اتهام كبير للمشهد الثقافي برمته؟

ربما ليس في ليبيا فقط.. هناك اتجاه عام لترويج أدب رديء تعمل عليه لجان الجوائز الأدبية المعروفة، حيث يقول الاستاذ الناقد السعودي مشعل العبادي في مقال مهم له قرأته في صفحته مؤخرًا:

(وفي عالمنا العربي أيضًا تُثار العديد من الانتقادات حول الجوائز الأدبية العربية، حيث يرى البعض أنها تشوبها الكثير من المشاكل مثل التحيز والافتقار إلى الشفافية)، هذا التحيز هو ما اقصده بالمجاملة والنفاق وهو أمر لا يخفى على المتابع الجاد.

ويقول أيضًا (ويحدث أيضًا أن تفرض الانتماءات الإقليمية على النقاد فيتواطؤون مع أبناء رقعتهم الجغرافية، ووفق هذه الانتماءات والتوافقات تأتي التصنيفات بالجودة أو الرداءة)

إذًَا هذه ليست رؤيتي وحدي وإنما هي رؤيا عامة تتفق فيها كثير من الآراء المنصفة والمحايدة، وإذا جئنا إلى دور النشر فتلك قصة أخرى سبق أن تحدثت عنها في حوارات سابقة.

ولكي تكون اجابتي واضحة سأكرر ما قلت في الحوار الذي أشرتِ إليه وهو:

(الحقيقة أننا نعيش واقعا أدبيا مزعجا جدا مشوش غير واضح المعالم يختلط فيه الحابل بالنابل والحقيقي بالمزيف والأصيل بالمدعى، والصورة العامة يصعب فيها تحديد الموقع الحقيقي للأديب، للكاتب، للشاعر. المجاملات تطغى على القراءة الموضوعية، المحاباة تقلب الموازين، حتى الأسماء التي نقول إنها (كبيرة) لا ترى الإبداع إلا ما يوافق مفاهيمها ولقد حجرت واسعا إذ تعتبر التميز والأصالة حكرا على مقاييسها وحدها وتعتبر ما سواه هذرا وغثاء دون استناد إلى معايير نقدية حقيقية ولا قراءات موسعة تساهم في دقة تصنيف ما هو موجود في هذا الفضاء فما دمنا كلنا نكتب بالعربية فلابد من وشائج تصلنا بالموروث وبالأصيل ولا حق لأحد أن ينكر وجودنا ولا صلتنا بأدبنا وثقافتنا العربية وفقا لمفاهيمه واجتهاداته الخاصة.)

والحال أن الأديب الحقيقي هنا يختفي في هذه الكواليس المليئة بشوائب المادة والمآرب الأخرى، ولكن هذا لا ينفي وجود ادب حقيقي لايزال غير قادر على ان يرى النور .

ماذا بعد لواعج حرف …والحلم الأخير؟

لي ديوانين لم يصدرا بعد أحدهما بعنوان (إلتآمات خارج الجرح) والأخر بعنوان (شفق آخر)، آمل أن يريا النور قريبًا.

بث روح الأصالة

صُنفت نصوصك بالسردية التعبيرية، ماهي دوافعك للكتابة بهذا الأسلوب، ما الذي تبحث عنه؟ وما مستقبلها؟

السردية التعبيرية نص نثري_ شعري مسترسل متدفق متواصل دون شطرات أو فواصل، هو كتلة واحدة، جمله مترابطة في سلسلة واحدة متصلة من البداية إلى النهاية، يكمن جماله في قدرته على تقديم المعنى فيما يشبه ضفيرة من الكلمات أو عقد منظوم؛ هو محاولة لتقديم سردية مختلفة غنية باللغة وبالصورة والإيحاء لما هو داخل النفس والعقل من أفكار يمتزج فيها الواقع بالحلم يبحث في دواخل النفس.. عن الصورة الكامنة في الأفكار ويحاول أن يحولها إلى نثر، وهو موجود في الأدب العربي بصور مختلفة في المقال الأدبي، وفي النصوص الأدبية النثرية لكبار كتاب العربية مثل الرافعي وطه حسين وغيرهم، ويعتبر تجديد هذا النوع من الكتابة فيه إثراء للغة وبث روح من الاصالة في النص الأدبي المعاصر.

هل تعتقد أن السردية التعبيرية قادرة على التعبير عن قضايا معينة بشكل فعال ؟

الكتابة بكل أشكالها ودون تحديد لأسلوب معين قادرة على التعبير عن القضايا المختلفة كل نص بطابعة سواء كان شعرًا أو نثرًا أو مقالة أدبية أو سياسية .. اذًا اجابتي هي نعم ودون أن نثقل النص بمفردات الفصاحة ومحسنات البديع وتشبيهات البلاغة تلك السمات التي كانت لا تخلو منها النصوص التي ورثناها في ادبنا العربي، التحرر من هذه القيود البلاغية يعني الانطلاق في سردية لغوية تجمع بين الجمال والبساطة والوضوح يستطيع أن يعبر بها أي كاتب عن أي موضوع؛ بالتأكيد دون التنازل عن القيمة اللغوية الكامنة في الأسلوب والمفردات لكي يحافظ النص على قيمته الأدبية بغض النظر عن الموضوع الذي يتناوله .

شاهد أيضاً

مخاتير محلات يدينون استخدام السلاح داخل العاصمة لمصالح ضيقة

مخاتير محلات يدينون استخدام السلاح داخل العاصمة لمصالح ضيقة

ادان مخاتير محلات طرابلس المركز وسوق الجمعة وعين زارة استخدام السلاح داخل العاصمة من أجل …