بقلم / صبري النعال
من المعلوم بأن الدراما التلفزيونية هي وريثة الدراما السينمائية بشكل عام وذلك لأنها نشأت وترعرعت ونضجت وشبت على الطوق وهي تطمح بأن تتشبه بالسينما ، هذا الطموح كان مستمراً في البداية إلا أنه بدأ يعلن عن نفسه صراحة في السنوات الأخيرة مستفيداً من التطور في تقنيات التصوير والمونتاج الإلكتروني والذي ساعد على استخدام الكاميرا المحمولة والتصوير خارج الاستوديو إضافة إلى التقنيات الرقمية التي تمتاز بحساسية عالية للضوء والتي باتت تسمح بالتصوير ضمن ظروف إضاءة طبيعية أو ضعيفة .
فشاشة التلفزيون اليوم صارت أشبه بالذي يستوعب كل ما يصب فيه ويطلب الزيادة ، وقنوات التلفزيون تعمل على مدى الأربع والعشرين ساعة وهي في حاجة إلى برامج ومسلسلات على مدار الساعة وفي المقابل هناك جمهور يبحث عن السهل المريح والقصة المسلية ، فهول يرغب بأي تعب أو عناء أثناء استرخائه أمام الشاشة بعد يوم طويل من الجري والمعاناة لحياته وفي سبيل تأمين لقمة العيش لأسرته ومن هنا فليس عنده أى استعداد للتفكير ، بل هو مستعد لتقبل كل ما يعرض عليه من هذه القنوات غثها وسمينها .
وتعتمد المحطات التلفزيوينة على عدد كبير من كتاب الدراما التلفزيونية ، وهناك بعض المحطات والتي لها قدرة مالية على دفع مبالغ كبيرة من أجل استقطاب كتاب الدراما المشهورين واختيار بعض النصوص التي تتماشى مع توجهات القناة أو توجيه المؤلفين للكتابة من مواضيع معينة متدرعة في ذلك بأنها تلبي حاجات الجماهير أو بأنها تحافظ على التراث القومي حيث يقع الكاتب في الفخ أو لنقل فخ القناة والذي تم نصبه بكل حنكة واقتدار ويصبح كاتب النصوص أو السيناريوهات في هذه الحالة مجرد ( تارزي ) يفصل حسب ما تريده إدارة القناة منه حيث تنتمي بذلك صفة ( المبدع) عليه .
فالكاتب المبدع والذي يؤمن من بما يكتبه لا يرتضي ولا يخضع لتوجيه المحطات فيما يكتبه مهما كان مستوى وشهرة المحطة .
إن القاعدة المتبعة في كتابة السيناريوهات للتفزيونات العربية تنطلق من فكرة التركيز على الحوار بأعتباره الوسيلة التعبيرية الرئيسة بحيث يبدء كل مشهد بالحوار وينتهي بنهايته حيث لا توجد أية تصورات خارج حدود الحوار الذي يقوم ويحل محل كل شيء ذلك بأنه وسيلة التعبير عن الفكرة ووسيلة الفعل ورد الفعل وإذا ما لاحظنا في أي مسلسل يقدم على إحدى المحطات العربية نجد إنه عبارة عن إذاعة ولكن بشكل مرئي ويعتبر هذا تقليداً لأسوء نماذج السينما المصرية .
ويؤدي اعتماد الدراما التلفزيونية على الحوار بديلاً عن الحدث إلى فقر الجانب البصري فمهما كان مخرج المسلسل موهوباً ومهما كان المصور أو مصمم المناظر موهوبين فإن الجانب البصري يبقى فقيراً وقليل التنوع يضيع معه جهد العاملين في المسلسل حيث يصبح التسطيح هو سيد الموقف .