انطلقت في العاصمة طرابلس أعمال الجلسة الافتتاحية للحوار المهيكل، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حيث وقّع المشاركون في مستهل الجلسات على مذكرة قواعد السلوك التي تنظم عمل الحوار وتحدد الضوابط الأخلاقية والمؤسسية لانخراط أعضائه، في خطوة اعتُبرت أساسية لضمان نزاهة العملية وبناء الثقة بين المشاركين.

وتنص مذكرة قواعد السلوك على التزام أعضاء الحوار بالمبادئ الأساسية الهادفة إلى المساهمة في إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، عبر إجراء انتخابات وطنية، وتوحيد المؤسسات، واعتماد الدستور. كما شددت على ضرورة وضع المصالح الوطنية فوق جميع الاعتبارات الأخرى، والمشاركة بروح بنّاءة وحسن نية، والتحلي بالتوافق والمسؤولية.
وأكدت المذكرة على الالتزام بأعلى معايير النزاهة، بما في ذلك مقاومة أي ضغوط غير مبررة أو قبول مزايا مالية أو مادية مرتبطة بعمل الحوار، إضافة إلى المساهمة في خلق بيئة آمنة وشاملة تحترم آراء جميع الأعضاء، وتتفادى الترهيب أو التهديد أو الإكراه بكافة أشكاله. كما حظرت خطابات الكراهية والتحريض والتمييز، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، مع إلزام الأعضاء بإبلاغ البعثة الأممية عن أي انتهاكات من هذا النوع.
وشددت الوثيقة كذلك على احترام سرية المداولات المغلقة، وعدم الإفصاح عن المعلومات أو مخرجات الحوار قبل اعتمادها رسميًا، محذّرة من أن الغياب غير المبرر أو مخالفة قواعد السلوك والنظام الداخلي قد يؤديان إلى استبدال العضو أو استبعاده من الحوار.
وفي هذا السياق، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، أن أي تصرف ينافي بنود مذكرة قواعد السلوك قد يؤدي إلى الاستبعاد من الحوار المهيكل، مشددة على أن الالتزام بهذه القواعد شرط أساسي لإنجاح المسار السياسي.
وقالت تيتيه، خلال أولى جلسات الحوار، إن الهدف من هذه العملية هو أن يقرر الشعب الليبي مصيره بنفسه، وأن يكون الحل بيد الليبيين، مؤكدة أن الحوار، رغم تمويله من قبل البعثة الأممية، هو في جوهره حوار ليبي-ليبي، ويرتكز على خارطة الطريق الأممية عبر أربعة محاور رئيسية تشمل: الاقتصاد، والأمن، والحوكمة، والمصالحة الوطنية.
وأضافت أن الحوار المهيكل يُعد ركيزة أساسية في خارطة الطريق السياسية، ويشارك فيه 81 رجلًا و53 امرأة، مع الإشارة إلى أن بعض الأشخاص لم يتمكنوا من المشاركة لأسباب سياسية.
وأوضحت أن الحوار سيستمر لمدة تتراوح بين أربعة وستة أشهر، على أن تبدأ مراحله الفعلية في يناير المقبل، ليكون منبرًا شاملًا لإيصال مختلف الآراء من جميع أنحاء ليبيا.
ودعت تيتيه جميع الليبيين إلى التفاعل والمشاركة في الحوار عبر المنصة التي أطلقتها البعثة، مؤكدة أن إيصال صوت الليبيين عنصر أساسي لنجاح هذه العملية، ومشيرة إلى أن سلامة المشاركين وضمان أمنهم تمثل أولوية قصوى بالنسبة للبعثة الأممية.
واختتمت المبعوثة الأممية بالتأكيد على أنه، رغم الانقسام القائم، فإن الليبيين يملكون إرادة حقيقية لإخراج البلاد من أزمتها السياسية، والتقدم نحو الاستقرار والازدهار، معتبرة أن مشاركة الجميع، لا فقط الجالسين على طاولة الحوار، هي الأساس لبناء ليبيا تنعم بالسلام والديمقراطية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية