د.علي المبروك أبوقرين
في ظل الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة منذ أكثر من عقد ، وما حدث من صراعات وحروب ونزوح وتهجير ، وغلاء وتضخم وعدم استقرار ، وانهيارات في الاقتصاد والصحة والتعليم والقيم الاجتماعية وتفكك اسري ، ومدن جرفتها السيول واخرى تغرق في شبر ماء ،
وأوبئة وأمراض مستعصية ولا تجد مطبب ولا دواء ، زادت التوترات والضغوط النفسية وأثارها الصحية السيئة ولهذا لزم التعريف والتنبيه…
والتوتر أو الاجهاد النفسي هو ردة فعل الجسم لأي تغيير يتطلب استجابة وتكيف وتأقلم ، ويتفاعل الجسم مع التغييرات باستجابات عقلية وعاطفية وجسدية ، وجسم الإنسان بطبيعته مهيئ لمواجهة التهديدات والتوترات ،
وللحماية من الاعتداءت عليه لمواجهة تقلبات الحياة اليوميه ، وممارسة الأعمال الروتينية والطارئة ،
والقيام بالالتزامات المعتادة لتدابير الحياة المالية والاجتماعية والاقتصادية ، والرعاية الأسرية ولكل من له حق علينا ، والاحداث العصيبة من سنن ونواميس الحياة ، وقد يصعب تغيير الأوضاع المعيشية ،
والجسم يتعامل معها على أساس أنها تهديدات ، وهذا الشعور يجب مقاومته والتأقلم معه ، والتوتر والخوف يثير نظام الانذار بمنطقة تحت المهاد بالدماغ ،
ومناطق بالدماغ التي تتحكم في الحالة المزاجية والدوافع والخوف ، ويحفز النظام الدفاعي للغدة الكظرية الفوق كلوية ، لافراز مزيد من هرمون الكورتيزول وهو هرمون التوتر ، الذي يرفع مستوى السكر في الدم ،
ويبطئ الوظائف الغير ضرورية للتعامل مع مواقف الاختيار بين المواجهة أو الهروب ، ويعمل على تغيير استجابات الجهاز المناعي ،
وتثبيط الجهاز الهضمي والتناسلي وعمليات النمو ، وتفرز الغدة زيادات في هرمون الادرينالين الذي يسبب سرعة ضربات القلب ، وارتفاع ضغط الدم ، ويمنح زيادة في الطاقه ،
ومع استمرار أسباب التوتر والشعور بالخوف تستمر الاستجابة للمواجهة أو الهروب قائمة ، ومع زوال التهديدات تعود مستويات الهرمونات لوضعها الطبيعي ،
وكذلك تزول اثارهم وتعود معدلات الضغط والسكري وأنشطة الجسم لأوضاعها الطبيعية ، ويؤتر التوتر والاجهاد النفسي في كل الأعمار والفئات ، وعلى جميع مناحي الحياة ،
وتختلف الناس عن بعضها في ردات أفعالهم تجاه التهديدات والتوترات لعوامل وراثية وللتجارب الشخصية ، وهناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتوتر ،
ولديهم قدرة أقل في التعامل مع الضغوط ، ومنهم الذين يفتقدون للدعم والحماية الاجتماعية ، والذين يعانون من سوء التغذية ، ومن لهم مشاكل صحية أو معرضين لها ويصعب الحصول والوصول لخدمات صحية مأمونة وموثوقة وغير مكلفة ،
والفاقدين للأمن والأمان ، والذين تتقلص أو تنعدم لديهم فرص التعلم الجيد والعمل المضمون ،
والتوترات النفسيه منها الجيد التي تساعد على إنجاز المهام والأعمال الموكلة ، وتحقيق الأهداف التي يصعب الوصول إليها ، وتعلم الأشياء الجديدة ، والتكيف مع التغيير والتفكير الإبداعي والابتكاري ،
وهناك التوترات السئية وهي التي تمنع القدرة على إنجاز المهام اليوميه ، مع تراكم الضغوط التي تساهم في الانهيار السريع ، وظهور الأعراض ومنها :. التعرق والقلق والصداع ، وسرعة التنفس ،
والاعياء وصعوبة التركيز واتخاد القرارات ، مع العصبيه والهياج والارتعاش والتململ والخوف والهلع ،
وهذه الأعراض وغيرها تعرض الفرد للإصابة بالكثير من المشاكل الصحية العصبيه والنفسيه ، ومنها القلق والاكتئاب واضطرابات النوم ، والتركيز والذاكرة ، والرغبة في الانتحار ، ومشاكل في الجهاز الهضمي وهي متعددة ومعقدة ،
والنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم ، والسكتات الدماغية ، وزياده في الوزن ، والاصابة بالعديد من الأمراض المناعية ،
إن التوترات والضغوط النفسيه أسباب للكثير من الأمراض الخطيرة ، وتعيق فاعلية الكثير من العلاجات ، وتسبب الاضطرابات الادمانية والسلوكيات الغير سوية ، ولهذا وجب أتباع الإرشادات التالية للتكيف مع التوترات والضغوط ومنها
– النظام الغذائي الصحي المتوازن والمتكامل .
– ممارسة اي نوع من الرياضات باستمرار .
– ممارسة تمارين وأساليب الاسترخاء مثل التنفس ، وإقامة الشعائر ، والقراءه والاستماع للموسيقى المحببة ، ومشاهدة البرامج الثقافيه المسلية ، والتنزه في الحدائق وعلى الشواطئ والصحراء
– وممارسة الهوايات المفضلة
– تدوين الأفكار واليوميات وتنظيم المواعيد والاولويات
– المحافظة على صلة الرحم ، والصداقات المتميزة بالعطاء والايثار والشهامة ، وأصحاب الرأي والمشورة والحكمه وأهل الحل والعقد .
– المشاركة الإيجابية في الأعمال التطوعية الاجتماعية الخيرية .
– والانضمام للكشافة والهلال الأحمر وللنوادي الرياضية والاجتماعية والثقافية .
– ضرورة الحصول على المشورة والدعم النفسي من المختصين لتجنب خطورة أثار التوترات والضغوط النفسيه .
– وعلى الدولة تعزيز الحماية الاجتماعية والعدالة والمساواة ، التعليم المتقدم للجميع ، والخدمات الصحية بجودة عالية وتغطية شاملة ، وبيئات معيشية متكاملة تحقق الصحة والرفاه والامان ..
تجنبوا التوترات والضغوط للعيش بصحة وعافية ..