عبد الرزاق الداهش
الحرسُ البلدي مثل ساعي البريد، صار في العالم جزءًا من التراث، وليس جزءًا من المشهد..
فالذي يُراقب الأسعار هو التاجر نفسه، لأنه سيُقدّم سعراً اقل، وسلعة أكثر جودة من جاره البائع..
فمن يحكُم ليس قرار تحديد الأسعار، بل ميكانيزم السوق، وقانون التنافسية، وشراء الزبون قبل بيع السلعة..
الرقابة على جودة التعليم، والخدمة الصحية، والغذاء الآمن، والدواء الآمن، والبيئة الآمنة، هو مهمة أساسية للدولة..
إلا أن أدوات الدولة في الرقابة، والضبط صارت أكثر تخصّصًا، وأكثر ذكاءً، وبتقنياتٍ
أكثر تعقيداً..
وصارت جمعيات حماية المُستهلك، والمُحيط، والشجرة، وباقي مؤسسات المجتمع المدني هي البديل عن جهاز الحرس البلدي..
ولهذا تحوّلت هذه المؤسسة الضبطية، إلى ما يُشبه سوق عملٍ بدون عمل، عدا بعض الحملات العشوائية..
والحرسُ البلدي تربّي على انتظار الأوامر، لا تنفيذ القانون، وكأنه منطق “المؤسسة على دين رئيسها”..!
ذات مساء، انقضَّ عناصرُ الحرس، بصورةٍ شرسة على باعة الألعاب والبوشار في ميدان الشهداء، ولم يتركوا فنانًا كان يرسم لوحات البورتريه للزوّار في لقطةٍ حضارية..
لقد تركوا محال بيع الألعاب في شارع عمر المختار، يعرضون ألعاب أطفال على هيئة أسلحة، والمحظور استيرادها وبيعها من قبل الآقتصاد، لأضرارها الثقافية قبل المادية..
للأسف، بناء بالمخالفة كل يوم، واستيلاء على الفضاء العام من قبل أصحاب المحال التجارية، ودرجات نارية تستعرض على رصيف المُشاة، ومياه تُهدر من قبل العمالة الوافدة في أسواق الخُضار، ولا وجود للحرس البلدي إلا في ادارة الميزانية، أو في سياراتهم، التي تحرق البنزين في الشوارع.
نحتاجُ أن نفكرَ خارج الصندوق، أو ما وراء المُعتاد..