لا للصومعة في التعليم الطبي
مع قهوة الصباح:
بقلم: د المهدي الخماس
زياراتي الأخيرة لليبيا كان مزدحمة بأشياء كثيرة. غاب عنها الكساد والإجازة والإنتاج الوفير. كان على قمة اهتماماتي التعليم الطبي والإعتماد الدولي لكليات الطب. وجدت الرغبة في التطوير من جميع الأطراف والمسؤولين الذين اجتمعت بهم. الكل له تصوره والكل يرى ان تصوره هو السليم.
التعليم الطبي السليم هو منظومة. نعم منظومة لها أهدافها المخصصة لكل مرحلة من مراحلها. المنظومة جسم وبه العديد من الأعضاء التي تشتغل بتناغم وتناسق لكي تنتج مجهود ذو اثر إيجابي.
مارأيت خلال الزيارة هو وجود اعضاء لديهم الرغبة في العمل بطريقة الصومعة. يعني كل واحد في صومعة خاصة به والتناسق شبه معدوم، بل أحيانا الإقصاء هو المسيطر.
التعليم الطبي عادة يقسم الى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى وتشمل التعليم الطبي الأساسي بكلية الطب والمخرج طبيب عام.
المرحلة الثانية وهي مرحلة التخصص السريري وتشمل الأطباء المتخرجين والذين يتم تدريبهم تحت جهة تدريبية معروفة ليتم تخصصه واحيانا بعد ذلك التدريب نحتاج مرحلة أخرى من التدريب في تخصص دقيق وفي جزئية من التخصص العام.
المرحلة الثالثة وهي مرحلة التعليم المستمر وتشمل جميع الأطباء لإستمرار تطوير معلوماتهم ومهاراتهم.
فرص التحسين والتطوير متوفرة لدينا في كل المراحل. لدينا ثلاثة وعشرون كلية طب في حين لانحتاج لأكثر من أربعة أو خمسة ذات إمكانيات جيدة وأعضاء هيئة تدريس مؤهلين. البعض لاوجود لأساسيات التعليم الطبي بها وقفلها فرض وندعوا الله أن يقوم مركز ضمان الجودة بتلك المهمة.
كذلك المرحلة الثانية وهي مرحلة تأسيس الطبيب المختص. العالم يطور وسائلها ونحن نبحث عن البداية. لازلنا نناقش هل نلغي مجلس التدريب ونبقي على مجلس التخصصات ليقوم بالتدريب مع وظيفة تطوير وتنفيذ امتحانات التخصص. طبعا جميعنا يعرف ان مجلس التخصصات فشل في تطوير التدريب سابقا لأن صاحب بالين كذاب. والجميع يعرف أن التدريب والحوكمة أمران مختلفان. ولكن العناد وحب التحكم تركنا في مكانك سر السنوات السابقة وندعوا الله ان يخرجنا من هذا الموقف سريعا. البعض أيضا يفكر في الإلتفاف حول مجلس التخصصات والتركيز على الماجستير والدكتوراة في الطب السريري وهذا أم الكوارث واللي مايعرفك يحقرك.
المرحلة الثالثة والتدريب المستمر والضروري للتطوير والحفاظ على المعلومات الحديثة وهو امر معروف للناس من زمان. فكرنا به لأكثر من عشرين سنة ولم نجد التركيبة الملائمة بعد.
وعليه الطبيب الليبي يلهث وراء الدبلومات ووراء شهادات البورد العربي والتي اغلبها لايسوى ثمن الورقة المكتوب بها الشهادة. الجميع يعرف ذلك والجميع يعرف ان لبس البدلة وحكايات السفر الى بغداد والقاهرة والأردن وصور الفيس لاتنتج طبيب مختص وانما تنتج طبيب معاق مثلها مثل شهادات الماجستير بدون تدريب او دبلومات بدون تدريب. وتنتج المزيد من تأخير الاهتمام بمجلس التخصصات وشهادته.
ان شاء الله نخرج بنتيجة طيبة وبعيدة عن المجاملات الأسبوع القادم مع انعقاد الحوار حول الواقع والتحديات التي تقابل التعليم الطبي والصحي بشكل عام