منصة الصباح

الاحتجاجات تجتاح لبنان وسط تصاعد الغضب من النخبة السياسية

الصباح – رويترز

تواصلت منذ مساء الخميس حركة احتجاجات شعبية بالعاصمة اللبنانية بيروت وبعض المدن، رفضا لقرار الحكومة فرض ضرائب جديدة.

وتم إغلاق المدارس والجامعات والمصارف الجمعة مع استمرار الدعوات إلى التظاهر والإضراب، وتوقف العمل في غالبية الادارات العامة والخاصة نتيجة إغلاق الطرق. ونزل آلاف اللبنانيين، الجمعة للتظاهر في الشوارع لليوم الثاني على التوالي، وقطعوا طرقاً رئيسية في مختلف المناطق، في تحرك موحد لرفع الصوت ضد الحكومة وقرارات فرض ضرائب جديدة عليهم.

وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت قرب مقر الحكومة، الجمعة، مرددين شعار “ثورة، ثورة” و”الشعب يريد إسقاط النظام”، ورافعين الأعلام اللبناني، وطالبوا بإسقاط الحكومة واستقالة كافة السياسيين .

وذكرت وسائل الإعلام في بيروت أن المتظاهرين والمحتجين أقفلوا الطرق الرئيسية في كل المناطق اللبنانية لا سيما المؤدية إلى العاصمة بيروت واحرقوا الإطارات المشتعلة، كما قام محتجون بالتظاهر امام منازل نواب تابعين لحركة امل وحزب الله جنوب لبنان.

وواجهت قوات الأمن اللبنانية المتظاهرين الغاضبين بالغاز المسيل للدموع وطاردت محتجين في العاصمة بيروت يوم الجمعة إثر خروج عشرات الآلاف في أنحاء لبنان في مظاهرات تطالب بإسقاط النخبة السياسية التي يقولون إنها خربت الاقتصاد وأوصلته إلى نقطة الانهيار.

وقال شهود من رويترز إن شرطة مكافحة الشغب اعتقلت محتجين، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية لتفريق المتظاهرين في المنطقة التجارية ببيروت. وأصيب واعتقل العشرات.

وأمهل سعد الحريري رئيس وزراء لبنان ”شركاءه في الحكومة“ 72 ساعة للتوقف عن تعطيل الإصلاحات وإلا فسوف يتبنى نهجا مختلفا، في تلميح محتمل لاستقالته.

وقال الحريري إن لبنان ”يمر بظرف عصيب ليس له سابقة في تاريخنا“. وأضاف أن أطرافا أخرى بالحكومة، لم يسمها، عرقلت مرارا جهوده للمضي في إصلاحات.

ويشارك في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام عامة الشعب من مختلف الطوائف والدوائر وأعادت للأذهان ثورات اندلعت في 2011 وأطاحت بأربعة رؤساء عرب. ورفع المحتجون لافتات وهتفوا بشعارات تطالب حكومة الحريري بالاستقالة.

وقال الحريري ”هناك من وضع العراقيل أمامي منذ تشكيل الحكومة، وتم وضع عراقيل أمام جميع الجهود التي طرحتها للإصلاح“.

وتابع قائلا ”أنا شخصيا منحت نفسي وقتا قصيرا جدا، إما شركاؤنا في التسوية والحكومة يعطونا جوابا واضحا وحاسما ونهائيا يقنعني أنا واللبنانيين والمجتمع الدولي… بأن هناك قرارا لدى الجميع للإصلاح أو يكون لدي كلام آخر“..وأضاف ”أعود وأقول مهلة قصيرة جداً يعني 72 ساعة“.

وخرجت جموع من المحتجين في القرى والبلدات في جنوب وشمال وشرق لبنان وكذلك العاصمة بيروت ووجهوا انتقادات لجميع الزعماء السياسيين مسلمين ومسيحيين دون استثناء.

وفي أنحاء البلاد هتف المحتجون ضد كبار زعماء البلاد ومنهم ميشال عون والحريري ورئيس البرلمان نبيه بري وطالبوا باستقالتهم.

ومع حلول الليل نظمت حشود تلوح بالعلم اللبناني مسيرات ومواكب سيارات عبر الشوارع على وقع الأغنيات الوطنية من مكبرات الصوت وهم يهتفون بشعارات تطالب بإسقاط النظام.

وأغشي على بعض المحتجين بعد إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع. وقال الصليب الأحمر إن فرقه عالجت 160 شخصا أصيبوا في الاحتجاجات منذ مساء الخميس.

وقال جهاز الأمن الداخلي اللبناني إن 52 شرطيا أصيبوا الجمعة وإن قواته اعتقلت 70 شخصا.

واستخدم بعض المتظاهرين،الذين كان من بينهم ملثمون، قضبانا حديدية لتهشيم واجهات المتاجر في منطقة راقية من بيروت ، كما أغلقوا طرقا وأضرموا النيران في إطارات السيارات.

ومع اشتعال الحرائق بدت بعض الشوارع مثل ساحات المعارك وتناثر فيها الرصاص المطاطي وشظايا الزجاج واللوحات الإعلانية الممزقة.

وظل رجال الإطفاء يحاولون إخماد الحرائق حتى ساعة متأخرة من الليل.واحتشد متظاهرون في محيط القصر الرئاسي في ضواحي بعبدا. وحثت الأمم المتحدة كل الأطراف على الامتناع عن الأفعال التي قد تؤدي إلى مزيد من التوتر والعنف.

وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون، يوم الجمعة من القصر الرئاسي إن على الحكومة عدم فرض أي ضرائب جديدة وأن تعمل على وقف الفساد وتنفيذ إصلاحات طال تأجيلها، محذرا من أن الاحتجاجات الحاشدة قد تؤدي إلى فتنة.

وقال ”ما يحصل قد يكون فرصة كما يمكن أن يتحول إلى كارثة… ويدخلنا بالفوضى والفتنة“.

وفي رده على دعوات المحتجين لاستقالة الحكومة، قال باسيل ”البديل عن الحكومة الحالية هو ضباب وقد يكون أسوأ بكثير… الخيار الآخر هو الفوضى بالشارع وصولا للفتنة“.

واندلعت أحدث موجة توتر في لبنان بفعل تراكم الغضب بسبب معدل التضخم واقتراحات فرض ضريبة جديدة وارتفاع تكلفة المعيشة.

وفي خطوة غير مسبوقة هاجم محتجون شيعة مقرات نوابهم من جماعة حزب الله وحركة أمل في جنوب لبنان.

وقال فادي عيسي (51 عاما) الذي كان يشارك في الاحتجاج مع ابنه ”نزلنا على الشارع ما بقى فينا نتحمل في ظل السلطة الفاسدة، أولادنا ما عندهم مستقبل. الوضع كثير صعب. هذا النظام كله فاسد. كلهم حرامية ما حدا بيشتغل لمصلحة البلد يأتون ليملأوا جيوبهم. هم أصحاب صفقات وسمسرات“.

وأضاف ”ما بدنا استقالة فقط بدنا محاسبة وبدهم يرجعوا المصاري يللي سرقوها ولازم يصير تغيير والشعب هو الذي يستطيع أن يغير“.

وفي محاولة لزيادة الإيرادات أعلن وزير بالحكومة الخميس عن خطط لفرض رسوم جديدة قيمتها 20 سنتا يوميا على المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت الذي تستخدمه تطبيقات مثل واتساب المملوك لفيسبوك.

لكن مع انتشار الاحتجاجات ظهر وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير في وسائل إعلام مساء الخميس وقال إن الحكومة سحبت الرسوم المقترحة.

وفي بلد تحكمه حسابات طائفية منذ أمد بعيد يلقي النطاق الجغرافي الواسع على نحو غير مألوف للاحتجاجات الضوء على تفاقم الغضب بين اللبنانيين. وفشلت الحكومة التي تضم كافة الأحزاب اللبنانية تقريبا في تطبيق إصلاحات ضرورية لحل الأزمة.

وضغط حلفاء أجانب على الحريري لإجراء إصلاحات تعهد بها منذ وقت طويل، لكنها لم تتم أبدا بسبب مصالح شخصية.

ويعاني لبنان، الذي شهد حربا بين عامي 1975 و1990، من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد.

وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاما 37 بالمئة.

واستغل ساسة من مختلف الطوائف، معظمهم من المحاربين القدامى الذين شاركوا في الحرب الأهلية، موارد الدولة لمصالحهم السياسية الشخصية ويمانعون في التنازل عن مكتسباتهم.

تغطية صحفية سامية نخول وعماد كريدي ويارا أبي نادر وتوم بيري وسليمان الخالدي وليلى بسام وإريك كنيكت – إعداد سلمى نجم وأحمد صبحي خليفة للنشرة العربية – تحرير محمد اليماني

شاهد أيضاً

المنفي يلتقي عدداً من أعضاء اللجنة التحضرية لمؤتمر المصالحة الوطنية

التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عدداً من أعضاء اللجنة التحضرية لمؤتمر المصالحة الوطنية. وجاء …