د بلقاسم عمر صميدة
أحياناً لا تجد تعبير مباشر لوصف شخص يمثل حالة إبداعية إلا بالإستعارة والرمز ، لذا فالايقونة فى الثقافة الراقية هو مصطلح يستخدم لخرق المعتاد والولوج لسحاب الوصف للثناء وتقدير الشخص ، الشخص الذى يمثل صفات حميدة ونادرة وابداعية ، فمن خلال المعنى الرمزى او الحرفى او حتى التصويرى للكلمة تختزل الأيقونة تبجيلا وتوقيراً وفخامة نراها مستحقة للموصوف ، وبإختصار فإن الكاتب المبدع والخلوق منصور ابوشناف هو أيقونة إنسانية تلفت النظر وتأسر القلب بما يجسده من تاريخ ابداعى وإنسانى وبما يحمله بين جوانحه من محبة وأدب وذوق تجاه كل الناس ، وبما يجود به قلمه من عطاء جميل ، لم تكن الأقدار رحيمة بشبابه الدائم فمن عشرية الظلمة الى عشرية العلكة الى عشرية الرصاص خاض ابوشناف تحدى الابداع والصبر بروح هومرية كأنه هبط من عالم طروادى بمظلة قدرية الى سفوح المعاناة والتحدى واستطاع صناعة طوق نجاة خلف متراس من قوة الاحتمال والابتسامة الصادقة والصبر ، مستمداً قوة صمود تنبع من احلام وابداع داخلى وروح تواقة للعطاء واصرار على الحفاظ على الذات الانسانية الطاهرة ، انه ايقونة كرستالية بأوجه متعددة صحافية وروائية ومسرحية وانسانية ، فهو كاتب سلس لا يخفى مقاصده ، مبتسم مجامل ، يهمس بالحروف بطريقة منصورية خاصة كأنه يصنع من الخيال صورة ، ومن اللحظات وميض ، فهو يقوم بسبك الحروف فى فرن المعانى مستعينا بموهبة متدفقة رصينة كأنه جواهرجى يعرف قيمة معدنه ، ليصنع حُلى من العبارات كأنها عقد من لؤلؤ ، وحين تقرأ أعماله التى تمزج بين السهل والممتنع والمدهش لا تملك كقارىء إلا ان تقول ؛ حسناً هذا ما نبتغيه.
إن اجمل ما تخرج به كمتابع او قارىء للكاتب منصور هو قدرته على التجدد الذاتى وتفكيك اللحظة ، لقد قال ذات مرة ” أنا خريج السجون التي أمضيت في ربوعها 12 عاماً عجافاً بسبب أفكارى الابداعية ، تعلّمت فيها الصبر والحفاظ على الوجود في أسوأ الظروف، كما تعلّمت الضحك والسخرية ، وعن عشرية الرصاص يقول المبدع ؛ سيكون لهذا الوقت أثر كبير على الأدب والفن في بلادنا ، سيكتب الليبيون أدباً بطعم العلقم ، وسيضحكون طويلاً من جنونهم الغريب ، لكن هذا الزمن لم يكبح غريزة الابداع لديه فهو كما قال استعد الى محطتى القادمة للهبوط ككائن فضائى على سفوح بعيدة عبر روايتى القادمة التى هى الطريق الى عدن ..فللأديب والصديق كل احترام وللمبدعين الليبيين أينما كانوا كل المحبة والاعتزاز .