منصة الصباح

اكذوبة الدول المتقدمة

بقلم / د ابوالقاسم عمر صميدة

ولأن الوباء ضرب الصين اولا ولمدة شهرين قبل ان تعلن عنه ثم كوريا وبعدها ايران فقد تعلمت الاطقم الطبية فى باقى الدول بما فيها البلدان العربية ومنها ليبيا تعلمت كيفية التعامل مع الوباء ، ولذلك نرى ارقام اصابات كبيرة فى ايران وايطاليا واسبانيا وامريكا وهم من الدول التى يترددعليها الصينيين باعداد كبيرة ولديهم تعاملات معها، مقابل ارقام متدنية فى الدول العربية ، وهذا جعل الحظ يلعب دوره لصالح البلدان العربية ، ولولا بعض الأخطاء البشرية لما وجد كرونا موطن قدم له فى العالم العربي .. والخلاصة لن يكون لوباء كرونا تأثير خطير على البلدان العربية بل سينعدم تأثيره لو التزم الناس بالتعليمات وتوقفوا عن عادات وتقاليد قد تكون مساعده على انتشار الوباء ، والأمر المثير والغريب هو ان معاناة الدول كايطاليا واسبانيا وبريطانيا وحتى الدولة الكبرى امريكا اثبتت اكذوبة العالم الاول والعالم الثالث، فهاهم مواطنى دول العالم الاول يتزاحمون ويتسابقون على ارفف ورق التواليت قبل الخبز احياناً ، وهاهى مستشفياتهم بدون معدات ، وهاهى اطقمهم الطبية تعانى العجز حتى ان امريكا طلبت النجدة فقبل ايام اعلنت الولايات المتحدة رغبتها فى استقبال وتشغيل اى طبيب او ممرض او متخصص فى مجال الطب مهما كانت جنسيته او سنه ، وهاهى تشيكيا تسطوا على شحنة طبية متوجهة الى دولة اخرى ، وهاهى ايطاليا تستغيث بروسيا العدو المفترض لاوروبا الغربية ، وهاهم مواطنون اسبان وايطاليون يُنزلون العلم الاوروبى ويرفعون علم الصين وروسيا شكرا على الدعم فيما لم تستطع الدول الاوربية المتحضرة مساعدة بعضها ، وهاهم مواطنون امريكيون يتهمون بلادهم بالاهمال وسوء التقدير وحتى التقصير الى درجة دفعت برئيس امريكا لانزال الجيش ونصب خيم العلاج العسكريه فى بعض المدن ، لقد شحت الخدمات وقلت الموارد وارتبك الجميع ووصل الوباء الى قمة الهرم ، فقد اصيب ولى عهد بريطانيا ورئيس وزرائها ووزير صحتها ، واصيبت ميركل بالاعراض ، وسقطت اكذوبة العالم الاول المتحضر المُحصّن من كل شىء ، وسقطت معه اكاذيب كثيرة مثل التخطيط والبرمجة والخيارات والتزام الشعوب الغربية بالقوانين ، فقد كشفت كرونا ضعف البلدان الغربية وكشفت تفككها وعدم قدرتها على التعامل مع المستجدات ، وكشفت زيف اخلاقيات الشعب المتقّدم فحادثة وفاة المسنين فى اسبانيا واللذين تُركوا ليموتوا بلا رعاية صحية تعتبر عار وسقوط اخلاقى وجريمة بربرية ، وبدأت اوروبا كسفينة قديمة تواجه الاعاصير والغرق ، وبدأ ربابنتها فى توجيه السباب لبعض وتوجيه النقد واللوم وحتى العراك ، ألم يقول سالفينى الايطالى وهو زعيم اليمين ان اوروبا ليست سوى مظهر خادع ؟ ألم يقل مستشار النمسا سيبستيان كورز ان اوروبا عاطلة عن العمل وقت المحن ؟ ألم تكتب صحيفة جورنالى الايطالية وبخط عريض ( أوروبا ذابت كقطعة جليد اشرقت عليها الشمس )؟ والحق يقال فإن وباء كرونا ليس مجرد شمس فى مواجهة قطعة ثلج ، بل هو اعصار من شظايا ونار قاتل، اعصار مزق اوصال اوروبا القديمة واشرعة سفنها واعاد الشعبوية الى الواجهة ، ولربما سيكون لتبعات ذلك ارتدادات اجتماعية كبيرة ، بقى ان نقول ان الشعب الليبي الطيب والمخدوع فى قدرة دول العالم المتقدمة على مساعدته ، عليه ان يتوكل على الله وان يلتفت الى ذاته ويحل مشاكله بنفسه وبحكمة رجاله وان يفهم ان لا احد سيساعده ابداً، فكل الدول انانية وتبحث عن مصالحها وليس امامنا فى ليبيا الا خيار الصدق والاتفاق ونبذ العنف وايقاف الحروب  والكف عن الاستقواء بالآخر ، والجلوس للتفاهم فالوطن للجميع ، والمستقبل للاجيال القادمة ..

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …