في تطور دراماتيكي قد يعيد رسم ملامح الحرب النفسية في الشرق الأوسط، أسدلت كتائب عز الدين القسام الستار عن واحد من أكثر الشخصيات غموضاً وتأثيراً في العقد الأخير. الإعلان عن استشهاد “أبو عبيدة”، الناطق الرسمي الذي ارتبط صوته بوجدان الملايين، لم يكن مجرد خبر عسكري، بل كان كشفاً للهوية الاستراتيجية التي طالما طاردتها أجهزة الاستخبارات الدولية؛ إنه حذيفة سمير الكحلوت، المعروف حركياً بـ “أبو إبراهيم”.

منذ ظهوره الأول بـ “الكوفية الحمراء”، نجح الكحلوت في بناء جدار من السرية جعله “أيقونة” إعلامية عابرة للحدود، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023. لم يكن “أبو عبيدة” مجرد ناقل للأخبار، بل كان مهندس الرواية الإعلامية للمقاومة، والمحرك الأساسي للحرب النفسية التي استهدفت الجبهة الداخلية الإسرائيلية. إن الكشف عن اسمه الحقيقي في بيان النعي يعكس تحولاً في تكتيكات القسام، التي اختارت أن تمنح “الرمز” وجهاً واسماً في لحظة رحيله، محولة الغموض الاستخباري إلى إرث رمزي.
والتساؤل الاستراتيجي الذي يطرح نفسه الآن، كيف سيؤثر غياب هذا الكاريزما الصوتية على صمود الرواية الإعلامية لحماس، لقد شكل الكحلوت نقطة الوصل بين العمليات الميدانية والرأي العام العالمي، وفي ظل استمرار الصراع، ستواجه القسام تحدياً هائلاً في استبدال وجه إعلامي حظي بهذه الثقة والانتشار. إن استشهاد “أبو عبيدة” يأتي في وقت حساس، حيث تسعى القوى الدولية لفرض معادلات جديدة، مما يجعل غياب “صوت طوفان الأقصى” خسارة لا تقدر بثمن في ميزان القوة الناعمة للمقاومة الفلسطينية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية