منصة الصباح
استراتيجية ميلوني تجاه ليبيا على المحك واتفاقيات الهجرة مهددة

استراتيجية ميلوني تجاه ليبيا على المحك واتفاقيات الهجرة مهددة

 الصباح

تواجه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اختبارًا معقدًا في ليبيا، حيث تهدد التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة في طرابلس بانهيار الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها روما بهدف كبح جماح الهجرة غير النظامية من السواحل الليبية. ويأتي ذلك في وقت يتعاظم فيه نفوذ الميليشيات المسلحة، وتتراجع فيه سلطة الدولة المركزية.

ووفقًا لتحليل نشرته مجلة Formiche الإيطالية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية (20 يونيو 2025)، فإن “استراتيجية ميلوني في أفريقيا، وخاصة في ليبيا، باتت تواجه خطر الانهيار”، حيث تعتمد إيطاليا في تنفيذ خطتها على “هياكل حوكمة غير مستقرة تهيمن عليها جماعات مسلحة”، ما يهدد بتقويض نفوذ روما الإقليمي ومصداقيتها الدولية.

منذ تسلمها رئاسة الحكومة أواخر عام 2022، تبنّت ميلوني سياسة خارجية طموحة تُوّجت بإطلاق “خطة ماتي لأفريقيا” في نهاية 2023، والتي تستند إلى ستة محاور تنموية تشمل الطاقة، والبنية التحتية، والصحة، والتعليم، والزراعة، وإدارة الهجرة.

وتُعد ليبيا، من أبرز الدول المستهدفة بالخطة، إلى جانب تونس، وكينيا، وساحل العاج، وإثيوبيا، والكونغو الديمقراطية. وقد شكّلت اتفاقية يناير 2023 بين شركة “إيني” الإيطالية والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية – بقيمة 8 مليارات يورو – خطوة مفصلية في مسار التعاون، تلتها اتفاقيات إضافية في مجالات الطاقة والرعاية الصحية والبنية التحتية، ومكافحة الهجرة، كما تم دعم خفر السواحل الليبي بزوارق دورية جديدة.

لكن Formiche تشير إلى أن “خفض معدلات الهجرة بنسبة 60% خلال عام 2024 لا يمكن اعتباره نجاحًا ثابتًا في ظل سيطرة جماعات مسلحة على مراكز احتجاز المهاجرين، وارتباط بعض القادة الليبيين المطلوبين دوليًا بجهات رسمية”.

و سلّطت المجلة الضوء على الحادثة المفصلية التي وقعت في 12 مايو 2025، حين قُتل عبد الغني الككلي، قائد “جهاز دعم الاستقرار”، بالرصاص خلال اجتماع رسمي داخل مقر “اللواء 444”، إحدى أقوى الفصائل المسلحة في طرابلس. الحادثة وقعت بحضور مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة الوحدة الوطنية.

وتكشف المجلة أن الككلي، الذي سبق أن زار روما في مارس الماضي، ما أثار جدلاً في الأوساط الإيطالية بشأن مدى تورط روما في التعامل المباشر مع قادة ميليشيات يُشتبه بارتكابهم انتهاكات جسيمة.

واحدة من أبرز القضايا التي فجّرت الجدل بين الأوساط الحقوقية في إيطاليا كانت قضية أسامة نجم، المسؤول الأمني الليبي السابق، الذي أُلقي القبض عليه في مدينة تورينو بطلب من المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أُعيد لاحقًا إلى ليبيا على متن طائرة حكومية إيطالية في يناير الماضي، في خطوة وصفتها Formiche بأنها “تجاوز للعدالة الدولية”.

ورغم أن رئيس الحكومة الليبية أعلن في 15 مايو قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتعهد بتسليم المطلوبين، إلا أن الخطوة فُسّرت بأنها محاولة لامتصاص الضغوط الدولية، دون أن يكون لها أثر ملموس على الأرض بعد.

و يرى التقرير أن، التحدي الأكبر الذي يواجه ميلوني الآن يتمثل في الحفاظ على اتفاقياتها مع حكومة طرابلس.

كما تُحذر Formiche من أن ضعف الاستقرار في ليبيا – والدول الأخرى المعنية بالخطة مثل إثيوبيا وموزمبيق – يهدد بإفشال مجمل “خطة ماتي”، ويُضعف موقع روما التفاوضي أمام قوى إقليمية كتركيا وروسيا.

وفقًا لتحليل المجلة، فإن السياسة الإيطالية تجاه ليبيا بعد القذافي ظلت متأرجحة بين الواقعية السياسية والاعتبارات الأخلاقية. واليوم، تبدو حكومة ميلوني عالقة في معادلة خطرة: إما الاستمرار في دعم مليشيات متهمة بانتهاكات، أو المجازفة بانهيار مكاسبها الاستراتيجية في جنوب المتوسط.

ويخلص التقرير إلى أن “السيناريو الأكثر ترجيحًا هو فشل ميلوني في تحقيق رؤيتها الأفريقية إذا استمر التدهور الأمني في ليبيا، ما سيؤدي حتما إلى تصاعد الهجرة، وتقويض نفوذ روما في القارة”.

شاهد أيضاً

الدبيبة يشدد على تسريع تنفيذ “عمار طرابلس” والالتزام بالجودة

الدبيبة يشدد على تسريع تنفيذ “عمار طرابلس” والالتزام بالجودة

عقد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، اجتماعًا موسعًا لمتابعة تنفيذ مشاريع برنامج “عمار طرابلس”، …