صباح الفن
الممثل الليبي وازمة الانتاج
عبدالله الزائدي
في عام 1993 حصل مسلسل السوس وهو إنتاج ليبي من تأليف أحمد الحريري و بطولة يوسف الغرياني و اسماعيل العجيلي و خدوجة صبري ولطفية ابراهيم وعدد من نجوم الدراما الليبية ،على الجائزة الثانية في مهرجان التليفزيون بالقاهرة بعد مسلسل ليالي الحلمية ، نعم بعد مسلسل ليالي الحلمية ، فالدراما الليبية لاتقل عن مستوى اي دراما عربية ناجحة بشرط توفر النص والمخرج وطبعا ودون اختلاف الانتاج ، والممثل الليبي اثبت قدرته وامثلة ذلك كثيرة منها حرب السنوات الاربع وبصمات على جدار الزمن والمفسدون في الأرض و الامانة و نهاية اللعبة و غيرها من الاعمال الجادة والقوية ، واي حديث عن ضعف الدراما الليبية يرجع إلى أسباب انتاجية ، أو غياب النص احيانا ، لكنه قطعا وقولا واحدا ليس بسبب الممثل ، و لنتكلم بالمنطق ، فبرغم غياب الدراسة الأكاديمية لفنون التمثيل ، و شركات الانتاج الخاصة أو السوق الصانع للاحتراف و لما يعرف في لغة السوق بالنجومية ، كان الممثل الليبي المرتكز على موهبته واجتهاده ، حاضرا لامعا فارضا وجوده .لقد عاشت الدراما الليبية فترة طويلة كان فيها الإنتاج محتكرا للقطاع العام ورؤيته طبعا ، والتى كانت تركز تحديدا ، كان على كوميديا رمضان المنوعة ، ولا ادري سبب ذلك ، وهي في الغالب ليست تلك المسلسلات المكتوبة لقصة ، بل هي مشاهد ساخرة منوعة في كوميديا سوداء مع اغاني ضاحكة غالبا ،وهو النمط الإنتاجي الذي كانت تتبناه الاذاعة خاصة على مائدة رمضان ، والاستثناء هنا موجود كحال مسلسل الحاجه قميره للكاتب الكبير عبدالرحمن حقيق، بينما وعلى طول العام يفتر النشاط الانتاجي ، مقابل عرض التلفزيون الليبي لما تنتجه شركات القاهرة وعمان و دمشق و الخليج العربي ، حتى عرف الناس هنا تفاصيل اللهجات الاردنية والمصرية والسورية والخليجية بل وطغت في كثير من مفرداتها على اللهجة الليبية ، وعلى رغم شح الإنتاج وضعفه،وقلة النصوص الجيدة او منسوب التوجيه العالي في الكتابة حاول الممثل الليبي ، أن يقدم كل ما يستطيع ، و بالضرورة في شهر رمضان فهو موسمه الوحيد ثم يجلس بقية العام ليشاهد كغيره ما يعيد التلفزيون الليبي بثه من دراما عربية .كانت لدى الدولة الليبية إمكانيات تجعلها قادرة على وضع الممثل الليبي في مكانة أفضل على الخارطة العربية ، والمسلسلات المشتركة التى نفذت قليلة العدد وبدل الالتفات الى قدرات الممثل الليبي ، يلتفت الى فكرة الحضور المشترك اولا ، ثم يذهب العمل الى الارشيف ، ويرجع الممثل الليبي بيته منتظرا عملا جديدا ، فلا شركات انتاج تعمل طوال العام ،ولا شركات توزيع تدفع بالدراما الليبية الى المشاهد العربي، ولا مهرجانات ضخمة عربية تقام في ليبيا و يقدم فيها الممثل الليبي ، وكل هذا وهناك وفرة مالية يمكنها إنتاج صناعة دراما ، وخسرنا حياة ممثلين على درجة عالية لو قارنا عمرهم الفني بعدد الأعمال لنجد النتيجة محزنة جدا ، مثل عبدالله الريشي وعمران راغب المدنيني وفرج الربع وعبدالنبي المغربي ، و تقدمت السن باخرين ضاعت احلامهم المستحقة في مجد فني عربي ولم تستثمر مواهبهم وحضورهم مثل لطفي بن موسى و فتحي بدر و على الورشفاني ، وحميدة الخوجة ، وبقي اجتهاد آخرين كخدوجة صبري وسعاد خليل التى عزفت عن التلفزيون و كريمان جبر .ويبقى ما يقدم مؤخرا من اعمال درامية وحتى ان اخذت جوائز ، وتكون محظوظة بانفاق جيد، لا تختلف كثيرا عن ما قدم سابقا ، بل تؤكد ان ليبيا تقدم ممثلين في كل زمن، فالجدوى ليست الاحتفاء بانتاج مسلسل بل بإرساء قاعدة انتاج وتوزيع فني ليبي قوية تليق بمواهبنا التى ظلمت كثيرا