كم من كاتبٍ شهير تخفَّى وراء اسمٍ مُستعار، وكم من رجلٍ تخفَّى وراء اسم أنثى والعكس؛ وفي هذا الصدد صدر عن دار “المدى” كتاب “ماريو باودينو”، “أنت لا تعرف من أنا، “عن أسرار المؤلفين وأسمائهم المستعارة.. ترجمه عن الايطالية ” نبيل رضا المهيني”..
وهذا الكتاب أشبه بتقصي الحقائق، فخلف إخفاء الاسم أو إخفاء الشخصية، قصص كثيرة مشوقة، ربما تعد أكثر متعة حتى من كتابات الكتَّاب أنفسهم، من “ألبرتو مورافيا”، إلى “جوزيف كونراد”، و”بابلو نيرودا”، و “فولتير”، و “أومبرتو سابا”، و”بيسوا”، و”رومان غاري”، إلى “إيلينا فيرانتي”..
عشرات الكتَّاب الذين اختفوا وراء أسمائهم المستعارة، فهناك مغامرات لا حصر لها، ويبدو ثمة عواقب وخيمة في بعض الأحيان..
والكتاب برمته عبارة عن حركة ومفاجآت، ولعبة طويلة من ردود الفعل العنيفة، والكشف عن العالم السفلي للكتَّاب، والاخبار المزيفة التي تحيط بحياتهم..
فالكاتب الفرنسي “رومان غاري”، كان شخصية ممجدة في الأدب الفرنسي، فهو طيار حرب، بطل ديغولي، داندي، أنيق، استفزازي، شخصية لا جدال عليها، نساء جميلات وحياة ثراء لا مثيل لها.. فاز بجائزة “الغونكور”، ثم تخفَّى وكتب باسم مستعار “أميل آجار”، على أنه شاب غاضب خيالي، يعيش في البرازيل، هاربا من العدالة الفرنسية، وفازت روايته التي أرسلها الى دار “غاليمار” بجائزة “الغونكور” مرة أخرى، أي أنه الشخص الوحيد الذي فاز بجائزة “الغونكور” مرتين.. ورغم كل هذا النجاح، فقد أكمل أسطورته برصاصة نارية، اطلقها على رأسه في منزله في شارع “دوباك”..
وبالنسبة للكاتبة الإيطالية “ايلينا فيرانتي”، التي اخترعت اسمها وشخصيتها، يُعطي الكاتب “ماريو باودينو” فرضية أنها المترجمة “أنيتا راجا”، ويتتبع حياتها مثل مخبر بوليسي..
وفي هذا الصدد تصدّر اسم الكاتبة الإسبانية “كارمن مولا “، وكالات الأنباء العالمية في اكتوبر الماضي، حين إعلان حصولها على جائزة “بلانتيا الأسبانية “للرواية، عندما صعد ثلاثة رجال أعلنو إنهم كانو يتبادلون الكتابة تحت هذا الأسم، وتبيّن لاحقا أنها شخصية وهمية، وبرروا انتحالهم لنشر اعمالهم..
ولايقتصر الامر على الأدب الغربي، فثمة أسماء عربية كثيرة تخفّت وراء اسماء مُستعارة، لدواعي ودوافع كثيرة، منها عدم تقييد الحرية في الكتابة، وتجنباً للوقوع في المشاكل، وأبرزها الاعلامي الراحل “مفيد فوزي”، الذي تخفَّى وراء اسمه المستعار “نادية عابد”، ولاننسى الأديبة “ميّ زيادة”، التي وقّعت كتابها الأول الذي كُتب بالفرنسية باسم “أيزيس كوبيا “، وحين كتبت بالعربية تخفّت أيضا تحت اسم “عايدة “..
أخيرا وليس آخراً، المطربة “أم كلثوم”، التي ذكرها فهرس الباحث اللبناني “يوسف أسعد داغر” المختص بعلم التوثيق والمكتبتات، في مؤلفه “معجم الأسماء المستعارة وأصحابها “، كانت تتخفَّى كلما كتبت للصحف، وراء “فاطمة “إبراهيم”..