باختصار
د. علي عاشور
وصل عدد حالات الطلاق في مدينة بنغازي وحدها إلى (3873) حالة سنة 2022م، هذا الرقم لمدينة ليبية واحدة فكم سيكون العدد على مستوى البلاد برمتها، أكيد سيكون رقماً مرعباً ينذر بكارثة اجتماعية وسكانية حقيقية، لاسيما بعد معرفة أن العدد يتزايد عاماً بعد عام.
في السابق كان الزواج تقليدياً، لا ،تعارف، ولا حديث، بل لا أبالغ لو قلت أن عديد الزيجات تمت دون أن يرى الزوجين بعضهما إلا يوم الزفاف، ولا حتى عن طريق النظرة الشرعية التي لم تكن موجودة أصلاً في ثقافتنا المحلية…. رغم ذلك كله كانت درجة التوافق بين الزوجين
اللذين لا يعرفان بعضهما كبيرة، فكونوا أسرة متماسكة في بيت يضم أكثر من أسرة واحدة.
أما اليوم فنجد الزيجات على النقيض من ذلك، فالمتجول في أروقة محاكم الأحوال الشخصية سيجد أن بعض المتقدمين بدعوى قضائية للطلاق لم يمر على عقد زواجهم شهور قليلة، زواجهم الذي انفق عليه الطرفين – الغالي والنفيس لبناء عائلة يفترض أن تكون متينة؛ لأنه في الأساس ميثاقاً غليظاً.
المشكلة أن جل المتزوجين منذ انطلاقة هذا القرن يعرفون بعضهم البعض، ويتفقون على أدق التفاصيل قبل الزواج، لكن بعد ذلك تنقلب تلك الاتفاقات إلى تحديات يركب كل منهما أعلى ما لديه من خيل، لا لشيء إلا ليفوز على خصمه الذي هو شريك حياته الذي اختاره بنفسه، فتصبح حياة عائلة كل منهما في حيرة من أمرها جراء هذا العناد، بل إن من الأزواج لا يريد التطليق؛ لأنه سيدفع مؤخراً للزوجة أضعاف ما كان قد دفعه ليتزوج… ولا الزوجة تريد التنازل عن حقها الذي وهبه الله لها، وبينهما يعيش الوالدين حالة انشغال دائم على المصير المجهول لفلذات أكبادهم، خاصة والد الزوجة الذي ظن أنه قد اطمئن على ابنته بتزويجها، بيد أن الأمور سارت في غير ما يحب… حتى إن بعضهم يقوم بالإنفاق على ابنته وأبنائها وهي في بيت زوجها خيفة أن يحدث الطلاق… مردداً في قرارة نفسه اعطي بنتك وزيد عصيده.
تساؤلات عدة تحتاج إلى إجابات مقنعة حول ظاهرة الطلاق في المجتمع الليبي، أبرزها معرفة أسباب زيادة معدلاتها بشكل مخيف في الآونة الأخيرة ؟ فهل تكمن في طرق اختيار شريك الحياة؟ أم في الظروف الاقتصادية للزوج؟ ، أم أن هناك تغير في الشخصية الليبية ونحن لا ندري؟، أم أن طرق تربية الأبناء هي السبب؟ أم أن المؤسسات في المجتمع لا تقوم بدورها كما يجب؟