منصة الصباح

أدعية مكشوفة

محمد الهادي الجزيري

كتبت منذ أيام قليلة على صفحتي بالموقع الاجتماعي “الفيسبوك” ما يلي:
“كلّ من يتعمّد تدمير اقتصاد البلاد نكاية في خصمه السياسي… أقلّ ما يقال فيه أنّه معتوه.. ، لكنّ الإشارة إلى الأخطار ومعارضة السياسات الخاطئة واجب مقدّس”، وها إنّني في باطن هذا الليل الممطر، أشعر بقلّة حيلتي وهوان نداءاتي على الناس، وعجز اللغة وهي سلاحي الوحيد، عن إقناع الفرقاء من علية القوم والغوغاء، بضرورة وضع حدّ للفوضى المستشرية في جلّ مجالات حياتنا الاجتماعية وقطاعاتنا الاقتصاديّة وخاصة في حلباتنا السياسية، حتّى لا تحيد هذه الثورات عن مسارها ، وأمام عجزي المبين، لم يبق لي غير الدعاء ورجاء الاستجابة:
ـ اللهمّ حوّل المزايدين وأنت تعرفهم، إلى أرضية قاعة أفراح شاسعة وعظيمة، ولتكن القاعة مكتظّة بالراقصين المنتعلين لأحذية سميكة، ولتعزف الموسيقى الصاخبة ذات الإيقاعات السريعة دون توقّف حتّى يستمتع إخوتنا المزايدون بأجواء الحفل ويتوبوا عن الادّعاء.
ـ اللّهم إنّ أحد زملائي متسيّس جدّا، ومتجهّم أبدا، فسلّط عليه أشعّة الشمس ونور القمر وحتّى شعلة البرق، لعلّه يبتسم في وجه الحياة ويعفينا من رؤية سحنته المكفهرّة على مدار الساعة.
ـ يا ربّ أمسى لدينا ملايين الرؤساء وما لا يحصى من القادة والزعماء، فعطّل “الفيسبوك” سبعة أيام في الأسبوع ، ليلتفت الخلق إلى عبادتك وإلى تسيير أعمالهم وتربية أطفالهم، فمن كان منهم أعزب، فليخطب إحدى جاراته أو زميلاته أو بنات عمّاته أو … ما شأني؟، وليخطب في وجهها صباحا مساء وفي الهزيع الأخير من الليل ويعرض عليها بياناته وهلوساته، ومن كانت عزباء وعاطلة عن العمل والحياة، فألهمها يا إلاهي الرأفة بنا ، وتحويل وجهة طاقتها من نشر الأخبار الكاذبة والفتن الجاهزة إلى البحث عن الأعزب الذي ذكرته منذ قليل.
ـ اللّهم ثمّة موسيقى جديدة تُدعى ” الراب ” تكتسح آذاننا المتصدّعة أصلا، وبما أنّني من المؤمنين المتعصّبين لحقّ الاختلاف ، أترجّاك أن تهدي هؤلاء الشبّان المتحمّسين إلى الشعراء المنزوين في أركان الفوضى ، ليقطفوا منهم نصوصا جيّدة أو “معقولة” وذلك أضعف الإيمان ، فلكم تعبنا من هذا ” الهذر الفنّي ” المتفشّي فينا باسم الثورة.
ـ مولاي إنّ طقسين متضادّين يهيمنان اليوم على بلداننا : طقس غائم ووقح يقتحم بيوت الفقراء وهم الأغلبية الساحقة ، وحرارة مسعورة تحرق كلّ وفاق بين الأحزاب ، وكلّ ما أرجوه أن يميل الطقسان إلى الاعتدال ، أمّا حمّى روحي وبرود حبيبتي فتلك مسألة أخرى ، تدخل في خانة حزني الأبديّ.

آخر القول :
” لم أزل عند وعدي
غدا أختلي بإلهي
وأشفع فيكم جميعا بلا تفرقةْ
سيصرّ على خنق قوم اليمين
وإحراق ناس اليسارْ
سأخرّ له ضارعا :
يا إله الجمالْ
هؤلاء الملاعين شعبي
فدمدم على غيرهم
ودثّر بلادي بريش الحمامْ”

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …