قرأت بصحيفة فبراير في عدد الاثنين من هذا الأسبوع خبر مفاده أن مواطناً ليبياً تقدم للصحيفة بشكاية أن هناك من قام بقطع شجرة كبيرة من نوع “السرول“ يزيد عمرها عن ثمانون عاماً كانت موجودة قرب منزله على الطريق العام… لعله خبر عادي عند البعض، ولكن ما أن تقرأ بقية تفاصيله، سوف تعرف لماذا استنجد هذا المواطن بإحدى وسائل الإعلام لينشر قصته مع قاطع تلك الشجرة؟.
ولو إن خبر قطع الشجرة خبر محزن، إلا أنه تمة أمر مفرح يحمله نفس الخبر، وهو كمية الوعي الذي يحمله ذاك المواطن، إذ أنه بفعله هذا تبيّن أنه يعي جيداً ماذا يعني الاصحاح البيئي، كما أنه على وعي بأهمية وسائل الإعلام في محاربة مثل هذه الظواهر السلبية في البلاد.
فلو أن لدينا مواطن واحد في كل شارع بهكذا الوعي، لما قطعت شجرة واحدة في البلاد، ليس خوفاً من الشرطة الزراعية ولا من شرطة البيئة أيضاً، بل سيكون من الوعي الذي سيتصدى لمثل هؤلاء الجهلة والمرضى… الذين لا يهمهم إلا جيوبهم ومصالحهم الشخصية.
ما نعانيه حقاً في مجتمعنا هو سلبيتنا مع مثل هذه الأفعال، مطبقين مبدأ: أخطى رأسي وقص…. خاصة عندما يتعلق الأمر بالممتلكات العامة، ظناً منا أنها ليست لنا، ناهيك عن سلبيتنا وعدم تعاوننا مع رجال الأجهزة الأمنية، فلو تعاون جميع المواطنين مع الجهات المسؤولة، لما وجدنا من يقطع شجرة في كل البلاد، ولا وجدنا تاجراً للمخدرات أو بائعاً للخمر أو مروجاً لهما، ولا شاهدنا من يرمي القمامة من شباك سيارته في الطرقات العامة، ولا رأينا من يفسد الحدائق العامة أو يتلف أو يسرق محتوياتها.
مشكلة أغلبنا تكمن في عدم الوعي أن الشجرة التي يقطعها سماسرة الفحم هي من تعطينا الأكسجين الذي نتنفس، وأن الحديقة التي يفسدها أحد المرضى المتهورين هي ملك لك كما هي ملك للجميع أيضاً، وأن مروج المخدرات والخمور الذي يبيعها لأبناء جيرانك هو في الأصل يبيعها لأبنائك الذين يلعبون ويصادقون أولاد الجيران، وأن من يرمي القمامة من نافذة سيارته هو يرميها في الأساس أمام بيتك، وأن الشخص الذي يبيع الأسلحة ويتاجر فيها هو في الأساس يذخرها لإرهابك وقتلك..… فإلى متى سنظل كالنعام يدس رأسه في التراب؟.