أحلام محمد الكميشي
قبل يوم واحد من انعقاد القمة الـ 65 للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو/إيكواس) التي انسحبت منها النيجر، مالي، بوركينا فاسو، معًا في يناير الماضي، وُلدت (كونفدرالية دول الساحل) مترجمة توجه الدول الثلاث للإفلات من المدار الفرنسي الذي تدور فيه أفريقيا في مرحلة ما بعد الاستعمار، ومتممة لجهود بدأها قادة هذه الدول -القادمين للسلطة على جناح الانقلابات العسكرية- بتشكيلهم (تحالف دول الساحل) في سبتمبر 2023م.
(سيدياو/إيكواس) تحالف من 15 دولة هي (ليبيريا، السنغال، مالي، بوركينا فاسو، النيجر، ساحل العاج، نيجيريا، غانا، سيراليون، توغو، غينيا بيساو، الرأس الأخضر، غامبيا، بينين، غينيا)، بتعداد سكاني بلغ نحو 350 مليون نسمة وفق احصائيات سنة 2021م، وكانت موريتانيا ضمن مؤسسي التحالف قبل 5 عقود لكنها انسحبت، فيما لم تحصل المغرب على العضوية رغم المصادقة على طلبها في قمة لرُؤساء الدول الأعضاء في المنظمة في يونيو 2017م، ولا تربط ليبيا بدول هذا التحالف أي حدود باستثناء 342 كيلومتر هي حدودنا مع النيجر، ما يعني أن أغاديس المتاخمة لحدودنا نقطة عبور مواطني بقية دول التحالف لبلادنا، وقد تقلص عددهم الآن إلى نحو 80 مليون وهو عدد سكان الكونفدرالية الجديدة.
وتشير تقارير المنظمة الدولية للهجرة إلى عبور أكثر من 4 ملايين مهاجر للنيجر منذ سنة 2016م، وغادرها 65 ألف مهاجر خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023م، وإلى ارتفاع هذا العدد بشكل مهول وبنسبة بنسبة 69% تقريبا بعد قيام المجلس العسكري الحاكم في النيجر في نوفمبر الماضي بإلغاء القانون رقم 36 لسنة 2015 بشأن تجريم تهريب المهاجرين، وذلك على خلفية قيام الاتحاد الأوربي بإيقاف المبالغ المالية المتفق عليها كنوع من الضغط على قادة الانقلاب الذي أطاح بالرئيس “محمد بوعزوم”.
إن أي طارئ بالقرب من حدودنا سواء بالنزاع المسلح أو عقد تحالفات سياسية ودبلوماسية سيكون له أثر بالغ على بلادنا، وتدفق المهاجرين الناجم عن تسوية الحسابات بين دول وأنظمة سياسية وعصابات دولية يرهق أمننا القومي مع مخاوف التغيير الديموغرافي واحتمالات فرض التوطين رغمًا عن إرادتنا الوطنية، خاصة مع ضبابية برامج إدارة ملف الهجرة أو تقنين وتسوية أوضاع المهاجرين وفق حاجة البلاد وفرص ومشاريع التنمية المحلية.
وباقتراب موعد منتدى الهجرة عبر المتوسط، بحضور مسؤولين من أفريقيا وأوروبا والمنظمات الدولية، يجب تذكير الجميع بأن ليبيا شريك متضرر من الهجرة غير القانونية أمنيًا وصحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، وأن مخاوفنا من الهجرة عبر الصحراء ليست أقل من مخاوف أوروبا من الهجرة عبر المتوسط، ما يعني أنها عندما تعقد الاتفاقيات اتحادًا ودولًا مع جيراننا وغيرهم لا يمكنها أن تتجاهل أننا دولة ذات سيادة بحجة ما نعانيه من فوضى، وهذه السيادة تلزمها بأن يكون التعامل معنا مباشرة وليس عبر وكلاء، ولا يمكن أن تدعم غيرنا كبديل عنا في القيام بواجباتنا وإعمال سيادتنا التي كفلها لنا القانون الدولي على كل الإقليم الليبي دون شريك أو منازع.