أحلام محمد الكميشي
بالتزامن مع استقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، وفي ظل توجهات متضاربة حول رفع الدعم عن المحروقات، وبعد نحو ثلاثة شهور من الإطاحة بمدير مصرف ليبيا المركزي، وأكثر من شهرين من تأكيد مجلس الأمن الدولي عزمه على كفالة أن تتاح للشعب الليبي ولصالحه، في مرحلة لاحقة، الأصول المجمدة، أصدر المجلس، الخميس الماضي القرار (2769) في جلسته (9838) بشأن الوضع في ليبيا، بأغلبية 14 عضو وامتناع الاتحاد الروسي عن التصويت، وشمل القرار تحديثات لنظام العقوبات المفروض على ليبيا، وإعفاء بعض الأنشطة من حظر الأسلحة، وإنشاء تصنيفات عقوبات جديدة متعلقة بالتجارة غير المشروعة في النفط الليبي، وتمديد التفويضات والتدابير المتعلقة بتفتيش السفن وتمديد ولاية فريق الخبراء المعني حتى منتصف مايو 2026.
كما قرر المجلس ولأول مرة السماح باستثمار الاحتياطيات النقدية المجمدة لهيئة الاستثمار الليبية في ودائع لأجل منخفضة المخاطر لدى مؤسسات مالية مناسبة تختارها الهيئة وفقاً لشروط محددة.
هذه الخطوة الجريئة على طريق الإدارة الدولية للشأن الليبي، تحمل في طياتها تحديات كبيرة تتطلب تعاونًا دوليًا حقيقيًا وإصلاحات محلية جذرية لضمان استفادة الشعب الليبي من موارده السيادية مع توفر ضمانات للتنفيذ وآليات للرقابة، وتفتح الباب لأسئلة مشروعة حول سبب إصدار هذا القرار الآن، ما الذي تغير في ليبيا على صعيد النظام السياسي والتدابير الاقتصادية والرقابية وجعل مجلس الأمن يهتم فجأة بمسألة تآكل الأصول الليبية المجمدة؟ وما هو حجم هذا التآكل الذي وصفه بالمستمر؟ وهل سيقوم المجلس بمحاسبة المؤسسات المالية الدولية وإلزامها بتعويض ليبيا عن خسائرها بسبب سوء الاستخدام أو سوء إدارتها للأصول الليبية المجمدة طوال السنوات الماضية؟ ومن هي المؤسسات المالية التي وصفها في قراره ب(المناسبة) وترك اختيارها للهيئة وبشروط محددة لم يذكرها؟ وكيف يمكن للمؤسسات الليبية ضمان الشفافية والنزاهة وحسن إدارة الأصول في ظل الانقسام والصراعات الداخلية؟ وما علاقة كل هذا بالبنك الدولي والخضوع لسياساته عاجلًا أم آجلًا؟ ويبقى السؤال الأهم، هل ستكون هذه الخطوة مبادرة لتعزيز السيادة الليبية، أم زيادة في تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي للبلاد؟