بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون
القرض الحسن كمصطلح مأخوذ من الشريعة الإسلامية، فما المقصود بالقرض الحسن ؟ وما دليله من الكتاب والسنة ؟ وما الشروط التي ينبغي توافرها حتى ينطبق عليه هذا المسمى؟
القرض الحسن ” هو ما يعطيه المقرض من المال رفقا بالمقترض ليرد إليه مثله في أجل غير معلوم دون اشتراط زيادة ” بمعنى سلف أو دين ، كأن يقول المرء لفلان أقرضني ألف دينار وأردها بعد فترة غير محددة دون زيادة .
ودليله من الكتاب قوله تعالى ” وأقرضوا الله قرضا حسنا” وقوله ” إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم ” (سورة الحديد)وقوله ” إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم ” (سورة التغابن)والعديد من الآيات التي يستدل بها على استحبابه ، ومن السنة قول رسولنا الكريم “من أنظر معسرا ، فله بكل يوم مثله صدقة ، قبل أن يحل الدين ، فإذا حل الدين فأنظره، فله بكل يوم مثله صدقة ”
شروط القرض الحسن في الشريعة حتى يكون له الأجر العظيم الموعود من الله ، أن يكون مصدره حلال لا شبهة فيه ، وأن لا يكون محدد المدة وله أجر معلوم، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء إذا برروا أن للزمن قيمة فلا يخلو إذا من شبهة الربا ، لأن القرض الحسن شرع لتفريج الكروب ،ما عدا المالكية فقالوا بجواز تحديد الأجل ، وأن يكون بدون من أو أذى وبدون أي فوائد أو منفعة تعود على المقرض أيا كانت هذه المنفعة ،غير هذا المفهوم ممكن إطلاق عليه أي مسمى آخر، إلا أن يكون قرضا حسنا بالمفهوم الشرعي . وعلى الرغم من أن الكثير يختلط عليه الأمر بين أن يكون القرض دينا أم صدقة فهو دين على المقترض ،ولكن الله وضعه بمنزلة الصدقة لما له من تفريج للهموم وأن المقرض يصبر على ماله مدة فجزاءه عظيم على هذا الصبر وهو من أحب الأعمال إلى الله فمن فرج على مؤمن كربه ضاعف الله له الأجر، بدليل قوله تعالى ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ” سورة البقرة الآية (245 وقول رسولنا الكريم ” من يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة” صدق رسول الله “صحيح الجامع”كما أجمعت الأمة الإسلامية على جوازه واستحبابه.
وعلى الرغم من أن القانون الليبي على نص على التعامل به في القانون رقم (1) لسنة 2013م بشأن منع المعاملات الربوية المعدل بالقانون رقم (35) لسنة 2023م إلا أنه من الناحية الواقعية لم نجد له تطبيق بالمعنى المقصود في الشريعة الإسلامية ، فلا تزال الفكرة بحد ذاتها غير ناضجة كما أن كل الدول التي خاضت التجربة منذ ما يقرب أربعين سنة أثبتت فشلها. فالعجز في تطبيقه لا ينسب للشريعة وإنما لفهمها الصحيح ، فالله في كتابه العزيز وضع قواعد ثابتة لشرعية هذا النوع من المعاملات ، فمن أراد الثواب والأجر فعليه أن يسلك الطريق التي شرعها الله.