يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من آلام الظهر، لتصبح من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا وتأثيرًا على جودة الحياة والقدرة على العمل.
ورغم انتشارها الواسع، ما تزال آلام الظهر محاطة بالعديد من المعتقدات الخاطئة التي تؤدي أحيانًا إلى ممارسات علاجية غير صحيحة، وقد تسهم في تفاقم المشكلة بدلًا من حلها.
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة ميغان مورفي، جراحة الأعصاب في مؤسسة مايو كلينك الصحية، أن فهم الأسباب الحقيقية لآلام الظهر والتعامل معها بطريقة علمية هو الخطوة الأولى نحو العلاج والوقاية، مشيرة إلى أن معظم الحالات لا تكون خطيرة كما يعتقد البعض.
رفع الأجسام الثقيلة… ليس المتهم الوحيد
يعتقد كثيرون أن رفع الأوزان الثقيلة هو السبب الرئيسي لآلام الظهر، إلا أن المختصين يؤكدون أن هذا العامل ليس الوحيد ولا الأكثر شيوعًا، فالعادات اليومية الخاطئة، مثل قلة الحركة، وسوء الجلسة، وزيادة الوزن، إضافة إلى الاستعداد الوراثي، تلعب دورًا أكبر في ظهور الألم، بينما يكمن الخطر الحقيقي في رفع الأجسام بطريقة غير صحيحة.
الراحة التامة قد تزيد الألم
ومن أكثر المفاهيم المغلوطة شيوعًا الاعتقاد بأن الراحة التامة في السرير هي الحل الأمثل.
ففي حين قد تفيد الراحة القصيرة في حالات الإجهاد العضلي الحاد، فإن الاستمرار فيها لفترات طويلة يؤدي غالبًا إلى تيبس العضلات وإطالة مدة الألم، خاصة في حالات انضغاط الأعصاب أو مشكلات الأقراص الفقرية.
ويوصي الأطباء بالحفاظ على نشاط خفيف، مثل المشي أو السباحة، مع تجنب الحركات المفاجئة.
هل الجلوس على المحفظة يسبب آلام الظهر؟
يظن البعض أن الجلوس على محفظة سميكة يسبب آلام الظهر، إلا أن الحقيقة الطبية تشير إلى أن هذا السلوك يؤدي في الغالب إلى ألم أو خدر في الورك أو الساق نتيجة الضغط على العصب الوركي، وليس إلى ألم مباشر في الظهر، ويكمن الحل ببساطة في إزالة المحفظة من الجيب الخلفي أثناء الجلوس.
معظم الآلام ليست خطيرة
وتشير الإحصاءات الطبية إلى أن نحو 90% من حالات آلام الظهر ناتجة عن شد عضلي أو إصابات بسيطة في الأربطة، وغالبًا ما تتحسن تلقائيًا خلال أسابيع قليلة دون تدخل طبي مكثف، ولا تكون مرتبطة بمشكلات خطيرة في العمود الفقري.
الرياضة… علاج ووقاية
على عكس الاعتقاد السائد، لا يُنصح بتجنب الرياضة عند الشعور بألم في الظهر.
فالنشاط البدني المنتظم، خاصة تمارين تقوية عضلات البطن والظهر وتحسين المرونة، يُعد من أهم وسائل العلاج والوقاية.
وينبغي فقط تعديل شدة التمارين وفقًا لحالة المريض، مع مراجعة الطبيب إذا استمر الألم أو ازداد.
الجراحة ليست الخيار الأول
وترفض الأوساط الطبية فكرة أن الجراحة هي الحل الوحيد لآلام الظهر المزمنة، إذ تستجيب أغلب الحالات للعلاجات غير الجراحية مثل العلاج الطبيعي، والأدوية، والحقن الموضعية، وتعديل نمط الحياة.
وتُحجز الجراحة للحالات التي تظهر فيها أعراض إنذارية خطيرة، مثل الألم الشديد ليلًا، أو امتداد الألم إلى الساقين، أو حدوث ضعف وخدر، أو اضطرابات في التحكم بالمثانة أو الأمعاء.
المرتبة ووضعية الجلوس
كما تؤكد الدراسات أنه لا توجد مرتبة مثالية تناسب الجميع، بل يجب اختيار المرتبة التي توفر توازنًا بين الدعم والراحة حسب احتياجات كل شخص.
أما الوضعيات الخاطئة المتكررة، مثل الانحناء الطويل أمام الشاشات، فتُعد سببًا رئيسيًا للآلام المزمنة، ما يستدعي تحسين بيئة العمل وأخذ فترات راحة منتظمة للتمدد.
نصائح للحفاظ على صحة الظهر
يوصي الأطباء بعدد من الإرشادات للوقاية من آلام الظهر، أبرزها: التحكم في الوزن لتقليل الضغط على العمود الفقري، تقوية عضلات البطن والظهر لدعم الفقرات، الحفاظ على الحركة والنشاط البدني المنتظم، الالتزام بوضعيات الجلوس والوقوف الصحيحة.
وفي حين لا يمكن تفادي بعض مشكلات الظهر الناتجة عن إصابات أو عوامل وراثية، فإن تبني نمط حياة صحي والالتزام بالإرشادات الطبية يسهمان بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة، والحد من شدة الألم، وتحسين جودة الحياة.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية