تحديات استغلال الطاقات الهائلة للشمس والرياح في ليبيا
الصباح ــ عبدالله الزائدي
تشكل طاقة الشمس والرياح في ليبيا ثروة ضخمة ، تعمل اذا ما وجدت الاستراتيجيات التي تستغلها على تنويع مصادر الطاقة ، وخفض الاعتماد على الوقود الطبيعي الذي يشكل المصدر الرئيسي بل والوحيد في البلاد
في هذا الصدد رصدت منصة الطاقة المتخصصة في تقرير لها نشرته مؤخرا عوامل يتوقف عليها تحقيق ليبيا الاستفادة الكاملة من الطاقة المتجددة بها، حيث رأى التقرير أنه يتعين على الحكومة الليبية وشركائها الدوليين مواجهة مجموعة من التحديات الناتجة عن غياب الإطار التنظيمي، ونقص العمالة الماهرة، والوضع الأمني الهش، وحينها فقط كما يشير التقرير ، تستطيع ليبيا استغلال طاقة الشمس والرياح، ورسم مسار مستدام
إمكانات استراتيجية غير مستغلة
تحظى ليبيا بمعدلات سطوع شمسي وفيرة، ورياح قوية؛ ما يجعلها مكانًا مثاليًا لتسخير طاقتي الشمس والرياح، ويري تقرير منصة الطاقة أن الاضطرابات، تبرز إمكانات غير مُستغلة للطاقة المتجددة، لا سيما طاقة الشمس والرياح في ليبيا، التي من الممكن أن تساعد البلاد على خفض اعتمادها على مصادر الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء منخفضة التكلفة، والإسهام في التنمية الاقتصادية المستدامة النظيفة على المدى البعيد، وهو ما يتوافق مع ما أورده موقع إيف ويند ، و وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، تمتلك ليبيا القدرة على توليد طاقة شمسية سعة 5.3 تيرا واط/ساعة، و طاقة رياح سعة 2.9 تيرا واط/ساعة سنويًا، ويعادل هذا ما يزيد على ضعف معدل استهلاك الكهرباء الحالي في البلاد، الذي يلامس قرابة 3.5 تيرا واط/ساعة سنويًا، وفي السنوات الأخيرة، كان هناك اهتمام متنامٍ باستكشاف إمكانات الطاقة المتجددة في ليبيا التي شهدت تشغيل أول محطة شمسية سعة 20 ميغاواط في جنوب مدينة سبها، عام 2013، ومنذ ذلك الحين، كانت هناك مقترحات بإنشاء العديد من مشروعات طاقة الشمس والرياح في ليبيا، من بينها محطة طاقة شمسية سعة 62 ميغاواط في جنوب مدينة غريان، إلى جانب مزرعة رياح سعة 60 ميغاواط في شرق مدينة درنة.
أهمية الدعم الدولي للطاقات المتجددة
يعتبر الدعم الدولي لمشاريع الطاقات البديلة ، في الأوضاع الحالية للبلاد أساسيا خاصة من جانب دعم تنويع مصادر الطاقة ، ومع محدوديتها الا انها تشكل بداية مهمة ، وترصد منصة الطاقة المتخصصة في تقريرها اطلاق الاتحاد الأوروبي في عام 2016، برنامج الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في ليبيا REEEP، والذي يستهدف الترويج لاستعمال الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة في البلاد، ويقدّم البرنامج المساعدات التقنية وبناء السعة إلى المؤسسات الليبية، إضافة إلى التمويلات اللازمة لتنفيذ المشروعات التجريبية في قطاع طاقة الشمس والرياح في ليبيا، وبالمثل، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الحكومة الليبية لتطوير إستراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، والتي تستهدف زيادة حصة المصادر النظيفة في مزيج الكهرباء في ليبيا إلى ما نسبته 10% بحلول أواسط العقد الحالي 2025، وتتضمن تلك الإستراتيجية خططًا لتركيب سعة طاقة شمسية قدرها 1.5 غيغا واط، إلى جانب 1 غيغا واط من سعة طاقة الرياح بحلول السنة المستهدفة، ويقف التقرير عند تحديات عديدة رغم تلك التطورات الواعدة، و التي يتعين التعامل معها، لاستغلال إمكانات الطاقة المتجددة في ليبيا.
ووضع التقرير اول التحديات في وجود ما اعتبرها عقبات رئيسية منها غياب الإطار التنظيمي الواضح لمشروعات الطاقة المتجددة ، فالمشروعات واللوائح القائمة كما يشير التقرير لا تمنح الحوافز الكافية لاستثمارات القطاع الخاص في طاقة الشمس والرياح في ليبيا، كما أنها لا تقدّم خريطة طريق واضحة لاندماج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة الوطنية.
كما يمثل غياب الخبرات التقنية والعمالة الماهرة في قطاع الطاقة المتجددة تحد اخرا ، فبينما تمتلك ليبيا شعبًا يتمتع بمعايير تعليمية جيدة نسبيًا، فإن الصراع الحالي والاضطرابات السياسة قادا إلى هجرة العقول، مع مغادرة العديد من الأشخاص المهرة البلاد بحثًا عن فرص عمل أفضل في أماكن أخرى ، ويقود هذا إلى ظهور فجوة في القوة العاملة المحلية، والتي تشتد الحاجة إلى سدّها لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة والمحافظة عليها، ثم يضع التقرير الوضع الأمني كتحد ثالث ويرى أن ليبيا البلد غير المستقر يواجه مخاطر كبيرة بالنسبة لتنفيذ مشروعات طاقة الشمس والرياح في ليبيا، وتأتي البنية التحتية للطاقة المتجددة كتحد رابع ، فمثلها مثل أيّ بنية تحتية أخرى، عُرضة للتخريب والدمار في بيئة تمزّقها الحروب ويُعدّ ضمان سلامة وأمن منشآت الطاقة المتجددة عاملًا حاسمًا في جذب الاستثمارات وضمان نجاح تلك المشروعات.
و مع كل هذه التحديات فان التحول إلى الطاقة المتجددة في ليبيا حاسمًا لمستقبل البلاد؛ إذا إنه يسهم في خفض الطلب على النفط والغاز؛ ما يَنتُج عنه هبوط أسعار هاتين السلعتين الإستراتيجيتين، وفق ما أوردته صحيفة “ليبيا هيرالد”.
موقع مثالي تحتاج الى تحفيز استثماري
تقع ليبيا جغرافيا في قلب الحزام الشمسي، فعام واحد من السطوع الشمسي على كل كيلومتر واحد من الأرض يُنتِج كهرباء تعادل 1.5 مليون برميل نفط خام، ومع ذلك، فإنه، وبينما تمضي دول الجوار بخطى سريعة نحو استغلال المصادر المتجددة، ما تزال منظومة الكهرباء في ليبيا تعتمد حصريًا على المواد الهيدروكربونية التي تستهلك 11 مليون طن من المكافئ النفطي بدلًا من بيع هذا المورد في السوق العالمية والاستفادة بالأسعار المرتفعة، وفي هذا الجانب يرى التقرير أن الحاجة الى تحفيزات استثمارية تبدو ملحة لأجل إدخال تغييرات رئيسة في البلاد ، ويشتمل هذا على سَنّ قانون الكهرباء الذي يتيح إطارًا تنظيميًا، وتحفيزات لاستثمارات الطاقة المتجددة ولتعزيز القدرة التنافسية للمصادر المتجددة، تحتاج ليبيا إلى إعادة توجيه الدعم للكهرباء المولدة بالنفط والغاز نحو الطاقة المتجددة وتحتاج ليبيا -أيضًا- إلى إنشاء جهة تنظيمية لمراقبة الامتثال للقوانين وحماية حقوق المستهلك وتبرز أهمية تلك التدابير لبثّ الثقة في نفوس المستثمرين، وجذبهم للمشاركة بمشروعات الطاقة المتجددة، كما تساعد تلك الإجراءات على كسر الاحتكار الحالي في قطاع إنتاج الكهرباء، وتشجيع القطاع الخاص، بما يسهم بتدفقات تمويلية جديدة، والتحفيز على الإبداع.