منصة الصباح

القصاص

القصاص

——————–محمود السوكني———–

رغم أننا لازلنا نصارع وجع الفراق وعذاب الفاجعة التي حلّت بنا في شرقنا الحبيب ، ورغم أن فرق الإنقاذ لازالت تواصل عملها ليل نهار بحثاً عن المفقودين الذين تجاوزوا العشرة ألاف مفقود ، ورغم تدفق المعونات من كل حدب وصوب وتواصل طوفان الإغاثة من كل مكان ، رغم كل ذلك إلا أن الوصول إلى مسببات الكارثة واسماء مرتكبيها والمتسببين في حدوثها عن قصد أو جهل يظل هو المطلب المُلِح الذي يضمد بعض جراح القلب ويشفي ولو قليلاً غليل الروح .
كل من تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية الثامنة والسبعين كانت درنة تحديداً حاضرة في كلمته بدءً من أمين عام الأمم المتحدة الذي قال بالنص ” من فقدوا حياتهم في درنة كانوا ضحايا الصراع واللامبالاة وفشل القادة في إيجاد طريق للسلام ” ، وهكذا بقية المتحدثين .
كانت درنة حاضرة بقوة في وثائق الأمم المتحدة ، وأذكر أن أول تعليق صدر من الأمانة العامة للمنظمة الدولية عقب إنهيار السدين وحدوث الفاجعة كان يُنحي باللائمة على تقاعس المسئولين في ليبيا وإهمالهم وعدم إكثراتهم حتى تفاقم الوضع وحدثت الكارثة .
كل الأصوات في الداخل والخارج وعلى كل المستويات تطالب بإجراء التحقيقات الجادة لمعرفة الجناة وتقديمهم للعدالة فهذا أقل مايجب تحقيقه لذوي الضحايا وللوطن . الجميع في إنتظار ما تسفر عنه تحقيقات وكلاء النيابة الذين إختارهم النائب العام والذي وعد أن يكون عملهم في منتهى الشفافية والدقة والوضوح لا يعرف المجاملة ولا ينشد سوى الحقيقة والحقيقة وحدها ولا شئ سواها .
لا نريد لقضية بهذا الحجم وما نتج عنها من اهوال فظيعة أن تمر كغيرها مرور الكرام ، فنحن وإن تغاضينا لبعض الوقت عن عار التطبيع لكننا لا يمكن أن نغفل عن أكثر من أربعة ألاف ضحية وقرابة الإحدى عشر مفقوداً لا أمل يلوح في الأفق برجوعهم سالمين بالإضافة إلى تشرد ثلاثين ألف مواطن حتى الآن وكل ذلك كان نتيجة الإهمال والتسيب وفساد الذمم ؛ هذا كله لايجب أن يمر مرور الكرام بل يجب أن يواجه بحزم شديد ويد من حديد حتى ينال كل مقصر القصاص الذي يستحق وإن كان العقاب مهما كان صارماً لن يفي بالمأمول ولن يكون بلسماً شافياً يداني المصاب الجلل الذي تقشعر لهول نتائجه الأبدان . الخلاصة: لا نريد لهذا الطوفان الهائل الذي جرف البشر والحجر أن لا يقدر على إزاحة مسئول واحد عن مقعده !

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …