الصاحب على الصاحب يبيع عباته
فماذا حين يتبرع بها
علي الهلالي
قمة الألم ان تشعر بالعجز حين تريد ان تكون فاعلا.. وقمة العجز ان لاتملك انسانيتك .. هذا هو الفيصل في معيار الآدمية لأن الاحساس هو الذي يقودنا في حياة اراد الله من خلالها ان نعمر الأرض وهذا لايمكن ان يبنى على باطل .
قمة الألم ان تجد بجوارك من يلفظ انفاسه ولاتملك ان تمنحه نصف انفاسك ليحيا .. تبكيه ألما يمزق نياط قلبك ويشعرك بتفاهة الدنيا بما يمكن ان تكون عليه من بذخ وجاه وهي التي عند الله اهون من جناح بعوضة .
قمة الألم ان تنام على أمل وتصحو على كارثة تكتشف خلالها ان اصدقاءك واهلك وخلانك وآخرين كان من الممكن ان يكونوا اصدقاءك واهلك قد صاروا في ذمة الله الكريم .. في ليلة بلاقمر غادروا هذا الجزء من العالم الذي شهد صراعاتنا وخلافاتنا ليرتقوا الى ربهم بعد ان جرفتهم سيول وفيضانات كان بطلها الماء الذي هو عندنا صنو الحياة لكنه ماعاد كما كان.
قمة الألم ان تستيقظ على كارثة تشعر انه لايمكنك استيعابها وتفرك ضميرك لتتأكد انك إنسان حين ينهمر دمعك مدرارا على فقدان اسر وعائلات كانت تبيت ليلتها ضاحكة سعيدة تنتظر الصباح لتواصل حياتها على الحلو والمر.
قمة الألم أن تجد إنسانا لايملك من حطام الدنيا الا “عباته” وتستدعيه آدميته لان يمنحها عن طيب خاطر ومن كل قلبه لمتضرري مدينة قد لايكون زارها في حياته ولايعرف طرقها ولم يدخل بيتا من بيوتها ولايعرف اسماء الضحايا ولا عناوين المصابين ..
لله درك ياصاحب العبا لقد علمتنا درسا في الانسانية والكرم
هكذا هم الليبيون مهما تقلبت الظروف .. فما حك الجلد الليبي إلا الظفر الليبي