الذكرى 92 لاستشهاد اسد الصحراء عمر المختار
يصادف اليوم 16 سبتمبر 2023 مرور الذكرى الثانية والتسعين لاستشهاد شيخ المجاهدين عمر المختار على يد قوات الاحتلال الايطالي.
نحن ننتصر أو نموت.. الشعار الذي رفعه عمر المختار وعمل به لعقود حارب خلال المحتل، فلم يتمكن الاحتلال الإيطالي من القضاء على المقاومة الليبية بقيادته حتى اجبر موسوليني على تبديل قادته في ليبيا عدة مرات، علها تخلصه من عقدة “أسد الصحراء” والمقاومة الليبية.
أطلق عليه لقب الصحراء لضراوته في المقاومة ، فاستحق أن يقال عنه أشهر المقاومين في تاريخ العرب والمسلمين الحديث.
قاد شيخ الشهداء عمر المختار خلال 20 عاماً مئات المعارك ضدّ الاحتلال الايطالي، ما بين 1911-1931، منذ كان في الـ53 من عمره، حتَّى أُسر خلال إحدى المعارك.
تمكن بالتعاون مع بضعة مئات من المجاهدين مقاومة جيش استعماري قوامه نحو 20 ألف جندي، مزوداً بأحدث الطائرات والأسلحة والعتاد.
أسلوب مقاومته كان كراً وفراً؛ هجمات سريعة محدودة ومحددة الأهداف، متبوعة بالانسحاب والتشتت في الصحراء، أفقدت الإيطاليين صوابهم، وألحق المجاهدين هزائم قاسية بالغزاة الإيطاليين، فقتلوا مئات الضباط والجنود، فلجأوا إلى أسوأ أساليب التعذيب.
الخسائر التي منيت بها ايطاليا دفعت روما إلي تعيين حاكم عسكري جديد ليدير المواجهة مع المقاومة الليبية ويفرض سيطرته عليها.
و عندما حاصره المحتلون في الجبل الأخضر في العام 1926، لجأ إلى ما يُعرف بحرب العصابات، وأجبر القيادة الإيطالية على طلب مفاوضته في العام 1929، لكنه رفض المنح المالية ومطالبهم بوقف القتال والخروج من البلاد واستأنف المقاومة.
في لقاء “سيدي رحومة” الذي حضره كل من عمر المختار، وبيترو بادوليو حاكم طرابلس الغرب وبرقة، ونائب حاكم برقة سيشلياني، قدم المختار شروطاً لوقف إطلاق النار، منها إعادة فتح المدارس العربية، وإطلاق سراح الأسرى، والتوقف عن اقتحام القرى والنجوع.
بينما قدَّم الإيطاليون عرضاً، كان بمثابة رشوة، يتضمن راتب تقاعدي مغرٍ للمختار، بينما يسلّم باقي رجاله أنفسهم وسلاحهم لضابط إيطالي تسميه روما.
وكان العرض قُدّم بوساطة الحسن بن الرضا السنوسي، الأمر الذي رفضه المختار وزجر الحسن الرضا قائلاً “لقد غرّوك يا بني بمتاع الدنيا الفاني”، واستمرَّت المفاوضات العسيرة أكثر من مرة، وانتهت كما بدأت، لكن بادوليو، أطلق في مؤتمر صحافي إشاعة أن “عمر المختار ورجاله استسلموا”، الأمر الذي كذَّبَته الوقائع لاحقاً.
عندما فشل غراتسياني في استمالة المختار بالتفاوض، لجأ إلى معسكرات الاعتقال الجماعية في الصحراء، وأحاطها بالأسلاك الشائكة، وزجّ فيها بأغلب القبائل الليبية في برقة، في محاولة للضغط على المختار للاستسلام.
لكن المختار لم يرضخ للضغوط، معتبراً أن التخلي عن المقاومة والاستسلام “خيانة بحق الليبيين”.
ووصف الصحافي الإيطالي كانيفار وصول عمر المختار إلى المفاوضات “محاطاً بفرسانه، كما يصل المنتصر الذي جاء ليملي شروطه على المهزوم”.
في إحدى المعارك في العام 1931 وبعد يومين من القتال المستميت، وبعد أن أطلقت قوات الاحتلال غازاً خانقاً، أسر عمر المختار ابن الـ73 عاماً، ونقل إلى مرسى سوسة ومنه إلي بنغازي عن طريق البحر وأودع السجن الكبير.
كان عمر المختار وقوراً رغم السلاسل التي تكبله، لم ينحنِ ولم يتنازل، فهو يمثل الحق، وغراتسياني يمثل الباطل. لم يتوسل حياته التي عرضها عليه غراتسياني مقابل أن يستسلم ومقاتليه، وقال له “نحن ننتصر أو نموت”.