منصة الصباح

الجيش الليبي والعقيدة العسكرية

الجيش الليبي والعقيدة العسكرية

مفتاح قناو

مر بنا يوم التاسع من أغسطس ذكرى تأسيس الجيش الليبي الذي عُرف في البداية باسم الجيش السنوسي نسبة للحركة السنوسية التي قادت الجهاد المسلح ضد المستعمر الايطالي في برقة وحاربت المستعمر الفرنسي في تشاد.

وقد مرت سنوات التكوين الأولى على الجيش الليبي في خمسينيات القرن الماضي ببطء ورتابة، حيث كانت الموارد المالية للدولة الليبية حديثة التكوين ضعيفة جدا.

مع تدفق النفط وتولي مجموعة من العسكريين مقاليد الأمور في البلاد مع نهاية الستينيات تغير الحال كثيرا، وأصبح تكوين وتقوية الجيش من المهام الأساسية لنظام الحكم الجديد، فعندما نتذكر تلك السنوات التي قضتها أجيالنا في الخدمة العسكرية منذ منتصف السبعينيات والمليارات التي أنفقت على شراء الأسلحة من طائرات ودبابات وكل أنواع التقنية العسكري، حيث بلغ عدد الطائرات الحربية ما يزيد عن ألف طائرة من مختلف الأنواع والمهام، وعدد الدبابات والآليات ما يزيد عن خمسة ألاف دبابة، وهو عدد لم تكن تمتلكه حتى دولة فرنسا في ذلك الوقت، عندما نتذكر كل ذلك ونرى النتيجة التي وصلنا إليها حاليا، ننتبه إلى غياب عنصر هام ينبغي أن يضبط تصرفات الجيوش وقد كان مفقودا عند الجيش الليبي طوال الفترة وهو العقيدة العسكرية.

ولكن ما هي العقيدة العسكرية ؟

عبارة العقيدة العسكرية يشوبها دائما بعض الغموض حيث يتم الخلط بينها وبين الواجب المهني للجيش أو القوات المسلحة، لذلك يعرفون العقيدة العسكرية بأنها المذهب العسكري الذي تتخذه الدولة لبناء جيشها وتأسيس كل مجالاته العسكرية، كما يستخدم مصطلح العقيدة العسكرية بشكل عام للدلالة على الإطار العام الإستراتيجي لجميع مستويات العقيدة العسكرية المتعددة.

ولكي تكون العقيدة العسكرية، عقيدة صحيحة يجب أن تكون مشروعا متكاملا يبدأ من رئاسة الدولة إلى القيادة العليا للجيش حتى تصل إلى الجندي في الميدان، ويكون الهدف دائما هو تحقيق الأمن وحماية مصالح الدولة، وأن تكون العقيدة العسكرية الرابط بين النظريات والتجارب التاريخية، وبين الخبرات العملية المكتسبة، مع ضرورة دعم التفكير الإبداعي لكل منتسبي المؤسسة العسكرية لموجهة المواقف القتالية الصعبة وإيجاد حلول مبتكرة لها.

هنا يمكننا الحديث عن ما ينقص الجيش الليبي في وقتنا الحاضر، بعد العمل على توحيد المؤسسة العسكرية ينبغي وضع عقيدة عسكرية واضحة للجيش الليبي، يتم تدريسها لكافة أعضائه يكون الولاء فيها للوطن، وليس للأشخاص أو التوجهات الحزبية الايدولوجية أو الطائفية الدينية أو غيرها.

ما يحتاجه الوطن الليبي هو تكوين (جيش صغير ذكي) يستوعب التكنولوجيا والنظريات القتالية الحديثة، ويمتلك الكفاءة والقدرة على الحركة السريعة على امتداد مساحة ليبيا الواسعة، مع ضرورة إعداد قادة وضباط المستقبل القادرين على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وكل فنون القيادة والسيطرة.

شاهد أيضاً

نَحْنُ شُطَّارٌ فِي اخْتِلَاقِ الأعْذَارِ

باختصار د.علي عاشور قبل أيام قليلة نجحنا نحن الليبيون في ما يزيد عن خمسين بلدية …