اسامينا 2
زكريا العنقودي .
وعن اساميهن، لنبدأ خوضنا هذا بالأسماء التي لها بعدها الديني مثل (خديجة) على اسم السيدة خديجة رضي الله عنها ، وايضا عائشة على أسم (عائشة أم المؤمنين) فنجد إنها وأن كان الأصل عام (ويتداول عربيا واسلاميا ) لكن الفروع والمشتقات عنها ( ضمن جغرافيتنا ) كلها ليبية و بخصوصية محلية وثم توظيفها محليا فنجد (خدّوج،خديّج، خدّوجة، وعوّاشة، وعوّيشة.. كذلك الأمر وبنفس السياق مع فطّوم وفطيّم وفطّومة) والثلاث الأخيرات مشتقات من أسم السيدة فاطمة رضي الله عنها .
(خديجة) كما جاء في كتب اللغة هو مؤنث (خديج) وهو طفل الناقة والواو في خدّوج هو دالة محلية.. بل يكسب ثقته المحلية اكثر مع (عوّاشة ومريومة وحلّومة وفطّومة وغيرها من المتشابهات) والتي لازمها (الشّد) في اواسطها، وهو هنا رسمها المحلي ووسمها بل ونغمها الخاص.
مبروكة.. اسم له إيحاءات صوفية، وإن كان يسميه غيرنا بالشمال الافريقي الا أن اشتقاقاته لنا وحدنا كـ(إمبّاركة وبريكة) وكثيرا منا يعرف أن (مذكر هذا الأسم.. مبروك) هو من اشتقاقات البرًكة والتي نتداولها شفويا ونحن نتبادل التهاني بالمناسبات.
والاسم (مبروكة) جاء من بروك البعير، كما في أصل اللغة، والذي يعني تباثه واستقراره ومنه سميت (بركة الماء) مما جعل أسمنا يتخطى معناه الأول ليصل الى معان اخرى منها النماء والزيادة.. نقول (بارك الله فيك) بمعنى زادك من خيره.. ومبروك اسم مفعول للبروك واضيفت تاء التأنيث للمؤنث. وإن كان اسم (مبروكة) نتشارك فيه مع أخوتنا بشمال افريقيا الا أن كونه مشاعا عندنا يجعل له عبقه الخاص بنا..
ايضا كليبيين نستعمل كثيرا من اسماء المعادن الثمينة لأسماء البنات فنسمي من اصل الذهب (ذهبة وذهيبة) وايضا (تبرة) من التبر.. وعلى الفضة نسمّي (فجرة). أما (نفيسة) فمن نفاسة المعادن وشدة لمعانها، وبالمصادفة هو عربي
التصغير في (ذهيبة وقميرة وعجيلة وعسيلة) هو مخرج موسيقي آخركـ(الشدّ) في المجموعة الأولى، وهو ايضا له نغم أقواس مدننا وابوابها وشبابيكها (ذات نصف الفتحة) نغم تطرب له الأذن وتستشعر شعبيته.
و(قميرة وقمّرة وقمر وشمس وشميسة ونجمة ونجيمة ونجمية) أسماء سماوية كونية ، ربما لها امتداداتها للديانات العصور القديمة (المنتهية) وعلاقتها بعلوم الفلك حينها ، إلا أن فيها من السمو والرفعة ما يعطي للمرأة الليبية مكانتها وعلو شأنها ، ومع أن.. شمس وقمر.. مؤنث مجازي إلا أن باقي المشتقات تم تأكيد ثانيتها بالتاء المضافة.
ومن النور والاضاءة وفتيل النور بليالي العائلة الساهرات في ذاك الزمن الجميل الرتيب الذي سبق وصول الكهرباء سموا بناتهن (النايرة و الضاوية ونورية) وما تبعها.
وعلى وزن (النايرة) سمو (الزايرة) وهو اسم من أيام القوافل، أيام كانت تطول راحتهن بالواحات فتحدث حالة الولادة اثناء فترة الزيارة والأمر استمر حتى لما بعد زمن القوافل فإن حدثت الولادة خارج البيت أو اثناء فترة استضافة يلجئون لذاك الاسم عرفانا منهم لبيت مضيفهم أو تأريخا لحدث الولادة وإشارة له، وهذا ما سنجده لاحقا في أسماء المناسبات.. وربما سموهن كذلك من باب قولهم القديم (البنت ضيقة في بيت اهلها) وتفاؤلا بزواجها المبكر ودعاء لها للتعجيل بزواجها.
وعلى ذكر اسماء المناسبات سموا (ميلودة وعيادة) وذلك اذا قدمت الوليدة اثناء احد هاتين المناسبتين، أما إن جات الوليدة والأسرة في فترة انشغالها بموسم النسيج على (المسداة) وصنع حاجيات البيت من الأنسجة فحينها يسمونها (سدّينة).. كم كانوا مميزين في استثمار فعلهم اليومي لصالح سجلات البلدية!!.
ايضا سموا (النايبة) وهذا دفع بالوليدة وتشريف لها، وبمثابة إعلانا لكونها ستحمل من صفات امها النبيلة الكثير، وإنها ستكون في مقامها ورفعتها ذات يوم.. وعادة ما يكون الأب صاحب هذا الاسم فهو (يعلن محبته واعتزازه بزوجه) وبتحايل (يؤجر عليه) باختياره لهذا الاسم (لطفلته) ويهدي لوالدتها من خلاله باقة ورد ورسالة محبة (في زمن لا ورد فيه ولا كتابة فيه ومن غير مهرها لاتعرف المرأة في ذاك الزمن عن الهدية شي وما يأتيها من زو جها تقول عنه عطاني ولا جابلي الحاج). أما لفظ المحبة فلا مكان له إلا في نوادي الشعراء الشعبيين وهو نادي رجالي قح.. وهذا استنتاج يؤخذ منه ويرد عليه، اكثر منه حقيقة كاملة، لكنه بالمجمل لا يخلو من حقيقة لها من الماضي أثره ومن الحاضر عبقه ونغم (لعازف متوحد) يجلس بين سالفتي بئر.
………..
يتبع