العدالة والإنصاف الصحي
د. علي المبروك أبوقرين
ان الحصول على الرعاية الصحية
وحدها لا يجعل الشخص يتمتع بصحة جيدة .
والمفترض أن جميع أفراد المجتمع لديهم فرص جيدة ليكونوا اصحاء ، بغض النظر عن العمر والدخل والجنس ، أو أي تفاوت إجتماعي أو إقتصادي أو ثقافي ، ومن حق كل فرد التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية .
وأول حق إقتصادي واجتماعي وثقافي هو الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ،
ولهذا الحق في الصحة هو حق أساسي من حقوق الانسان ، وبالضرورة توضيح الالتزامات القانونية الناشئة عن الحق في الصحة ، والبحث عن الطرق الفعالة لتفعيل هذا الحق ، والتركيز على الفقر والحق في الصحة ، والتمييز وعدم المساواة والحق في الصحة..
وان التفاوتات الصحية هي إختلافات يمكن الوقاية منها في عبء المرض او الإصابة او العنف او انعدام الفرص لتحقيق الصحة المثلى التي يعاني منها السكان الذين حرموا من وضعهم الاجتماعي والاقتصادي وموقعهم الجغرافي وبيئتهم ، لأن الصحة تتأثر بالمحددات الاجتماعية ومنها العمل والدخل والتعليم والسكن والبيئة وغيرها …
وللأسف لوحظ آن هناك عيوب صحية كبيرة في معظم البلدان سواء كان لها تغطية صحية شاملة آو لا ، لأن توزيع التعليم والوظائف والإسكان والفرص السياسية لها تأثير كبير على توزيع الرعاية الصحية المثلى بين السكان ، ونجد أن التفاوتات الصحية تعكس تلك التفاوتات في المجتمع ، على الرغم من وجود نظام للتغطية الصحية الشاملة ، فما بال من ليس لهم نظام للتغطية الصحية الشاملة ولا يوجد لهم أنظمة معلومات صحية موثوقة وفعالة تمكنها من معرفة الحالة الصحية للأفراد والسكان ، وخصوصًا للمناطق العشوائية المكتظة ، والمناطق النائية والريفية ، والمهاجرين والأجانب المقيمين وغيرهم .
ولأن الإنصاف الصحي يتجاوز توفير الرعاية الصحية المتساوية ، ويركز على القضاء على الفوارق وضمان الوصول العادل إلى الخدمات الصحية والطبية لجميع الأفراد في كل الأماكن ، وتحقيق مبداء الوصول للنتائج الصحية المتساوية لكل الناس ، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والثقافية ،
وإذ تتحمل الدولة وصناع القرار والسلطات الصحية ، ومقدموا الخدمات الطبية مسؤولية وضع السياسات لمعالجة المحددات الاجتماعية للصحة ، ومعالجة التفاوتات والفوارق ، والعمل من أجل نظام رعاية صحية أكثر إنصافا بوضع السياسات والنظم والبرامج إستنادا على إطار العدالة والمساواة والانصاف الصحي ، واحتياجات المجتمع ، وتحديد التفاوتات القائمة داخل مجموعات المرضى ، وجمع البيانات المتعلقة بالتركيبة السكانية والوضع الاجتماعي والاقتصادي وتحليلها ، وتطوير الوعي المجتمعي ، ومحو الامية الصحية ، وتثقيف المرضى حول ظروفهم الصحية وعلاجاتهم وتدابيرهم الوقائية ، وتنمية الكفاءات والتوسع في زيادة الوصول والحصول على خدمات الرعاية الصحية من خلال الوصول للمجتمعات المحرومة والمهمشة وتقديم الخدمات الطبية عن بعد ، وتوفير خدمات النقل ، مع ضرورة التركيز على التعليم والتدريب الطبي والصحي المبني على التميز والتدريب المستمر مدى الحياة وتقديم الرعاية الصحية والطبية بأعلى جودة ممكنة ، والتي تغطي كل التخصصات الطبية والتمريضية والفنية المؤهلة جميعها ، والحاصلين على التراخيص اللازمة المؤكدة لخبراتهم الموثوقة ، ونظام حوكمة ومتابعة وتدقيق فني واداري ومالي من جهات معتمدة ومخولة رسميًا ،
ان العدالة والمساواة والانصاف الصحي لا يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى فحسب بل يساهم في أن يكون المجتمع أجمع أكثر صحة وعدلًا بشكل عام ، والمكاسب الصحية تتعلق بالحالة الصحية سواء من حيث زيادة متوسط العمر المتوقع ، أو من حيث التحسينات في نوعية الحياة من خلال الوقاية من الامراض ، وعلاج أو تخفيف من مرض أو إعاقة ، أو أي تحسين عام آخر في صحة الفرد أو السكان الذين توجه لهم الخدمة بعدالة وانصاف من خلال نظام صحي قوي ومتماسك وموحد ، وأن تتولى الدولة المسؤولية المباشرة والتامة في تقديم الرعاية الصحية والطبية بجودة عالية ، وتحقق المساواة والعدالة والإنصاف ،
وتمنع الارتزاق وجني الأموال من الرعاية الصحية وتحويلها لمنظومات اقتصادية تجارية ربحية تتعارض مع التغطية الصحية الشاملة ، وتعمق التفاوتات والفوارق الاجتماعية والتي لا تسمح بتحقيق التنمية المستدامة أبدأ
إن الجدارة والتميز في الطب ليس اسطورة والتعليم يتشابك مع الرعاية الصحية ، والطب مهنة إنسانية اساسها العلم المبني على الأدلة ، والمعرفة المتعمقة في اصول المهنة ، والأخلاقيات والقيم الإنسانية السمحة الذين اذا توفروا بان التواضع والعطاء
إن النهوض بالقطاع الصحي وحماية المجتمع ممكنًا وليس مستحيلًا وإختيار وليس أقدار
.الصحة حق