نظرية المؤامرة
مفتاح قناو
كانت نظرية المؤامرة التي يحيكها الغرب الكافر على بلداننا الإسلامية هي الهاجس الدائم لمحدثي، والذي يؤكد أن هدف الغرب هو السيطرة على مقدراتنا ونهب ثرواتنا واستعمارنا.
عندما سألت محدثي لماذا لا يقوم الغرب الكافر بهذا التصرف مع الدول الآسيوية التي تقدمت وحققت منجزات علمية وتقنية كبيرة، وأصبحت من أهم صُناع الحضارة.
اجابني بأن الغرب الكافر عدو دين لذلك هو يتقصدنا نحن فقط ويعمل على تدميرنا.
يا أخي نستطيع أن نفهم جميعا بأن كل الدول تبحث عن مصالحها وأن السياسة بدون أخلاق، وأن من يستطيع السيطرة عليك فلن يترك جهدا في استغلالك حتى على المستوى الشخصي، فما بالك على مستوى دول تمتلك مواقع هامة وثروات لا يعرف أهلها قيمتها ولا طريقة الاستفادة منها.
لقد كان الخط البياني لبناء الدولة الوطنية القادرة والقوية منذ مطلع ستينيات القرن العشرين في تصاعد مستمر،حقق بعض الخطوات الإيجابية في سبعينيات القرن العشرين في الدول الأفريقية جنوب الصحراء وتقدمت فيه الدول الأسيوية، وحققت دولة مثل كوريا الجنوبية طفرة مهمة، انتقلت بها إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى .
لكن الانتكاسة الكبيرة كانت في منطقة الشرق العربي والدول المغاربية، وما تحقق في الستينيات من بدايات للنهضة الوطنية تراجع بشكل مخيف في العقود التالية لأسباب كثيرة جٌلها سياسي، يربطها البعض ــ مثل صديقي الذي حدثكم عنه ــ بنظرية المؤامرة وأن منطقتنا مستهدفة من القوى الغربية، لكن الحقيقة التي لا يرغب البعض في تصديقها تحيل إلى واقعنا المتخلف سياسياً واجتماعياً.
في ليبيا مازلنا وبتخطيط غريب من حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة منذ منتصف السبعينيات وحتى اليوم نعيش جميعا على المرتب الحكومي البائس والذي يشبه مرتبات المتقاعدين، نفتقد العمل الانتاجي الحقيقي الذي يعطي قيمة كبيرة لاقتصاد بلادنا.
مازلنا دولة ذات اقتصاد ريعي، يعتمد على بيع النفط وتوزيع ثمنه على شكل مرتبات على كامل أفراد الشعب دون التفكير في التحول الحقيقي للانتاج، والسؤال هنا ماذا لو جاء وقت وانتهى النفط ؟ ماذا سنفعل بعد أن نكون قد ضيعنا ما بايدينا ؟ وكنا في وقت سابق قد دمرنا اقتصادنا الوطني الناشئ بالتاميم نهاية السبعينيات .
هناك من الليبيين من يعتقد بأن سبب اهتمام الأخرين ببلادنا هو سائل النفط فقط، وهذا الاعتقاد خاطئ، قد يكون النفط والغاز من ضمن الأسباب التي تسيل اللعاب للسيطرة والتحكم، لكن الأهمية الحيوية الحقيقية لليبيا والتي لن تتغير بتوقف ضخ النفط هي موقع ليبيا الجغرافي والذي يمثل أهمية قصوى للدول الاوروبية بشكل خاص فليبيا هي الجار الجنوبي لهم وهي الشريك الكبير في امتلاك شواطئ المتوسط ، حيث يبلغ الشاطئ الليبي حوالي 2000 كيلومتر من الارض البكر والتي تنتظر المستثمرين وينتظرونها، فالشواطئ المقابلة في جنوب أوروبا أصبحت ضيقة وسعر المتر على شواطئ الريفيرا يساوي مبالغ مالية ضخمة والتزاحم فيها على أشده .
الطاقات المتجددة مكانها الافضل هو ليبيا، السطوع الشمسي طوال العام، طاقة الرياح، يمكن أن تتحول ليبيا إلى أهم مركز لتجارة العبور، وأن تتحول إلى أهم مناطق الاتصالات في العالم بإنشاء العديد من مطارات العبور بين مختلف دول العالم شرقا وغربا وجنوبا .
لذلك يخطئ من يحاول تقسيم ليبيا، لأن كل هذه الامكانيات عندما تنقسم تضيع وتضعف قيمتها الأقتصادية .
المؤامرة موجودة ولكنها ليست عند العدو الكافر بل هي من بنات أفكارنا.