منصة الصباح

ماذا بعد انهاء منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ لوباء الكورونا

ماذا بعد انهاء منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ لوباء الكورونا

د.علي المبروك ابوقرين

من المؤكد أن قرار منظمة الصحة العالمية بانهاء حالة الطوارئ لوباء الكورونا ( كوفيد 19 ) ، أسعد كل العالم ، وبالأخص القطاع الصحي ..

بعد تجربة مريرة لأكثر من ثلاثة أعوام قاسية وصعبة أسفرت عن مليار الا ربع إصابات موثقة ، ومايقارب من سبعة ملايين وفيات ، وما ترتب عنها من إنعكاسات سلبية على النظم الصحية ، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكثير من دول وشعوب ألعالم ،..،

ولكن لا زال لدى المهتمين والناس الكثير من المخاوف والتساؤلات حول الوباء وطبيعته وطرق إنتشاره وتحوراته وإمكانية الوقاية الفعلية ، وبرتوكولات العلاجات الصحيحة ، وفعالية الاحتياطات الاحترازية التي أتخذت ومدى جدواها ، واللقاحات وفعاليتها ومضامينها ، ومحاذيرها ومددها . والتهديدات الوبائية القادمة ، وكيفية الاستعداد لها والتعامل معها ، ومدى توفر البيانات والمعلومات وصحتها ومصداقيتها ،

والكثير من الجوانب العلمية التي تحتاج تفاسير وإيضاحات وبراهين ..

وإنهاء حالة الطوارئ هو أنتهاء عمل التحالف الدولي والتمويلات اللازمة للتعامل مع ظروف( الكوفيد 19 ) .

مما قد يحد من دعم بعض النظم الصحية الضعيفة والتي تشكل السواد الأعظم من دول ألعالم ..

والملاحظ مع إعلان نهاية الطوارىء أن معظم الإصابات والوفيات تركزت في بعض الدول الغنية والصناعية ، والتي تملك أنظمة صحية قوية ومتماسكة نوعًا ما ، ومعظمها لها الإمكانيات التكنولوجية الحديثة والعلمية والصناعات الطبية كالمعدات والتجهيزات الطبية والأدوية والمستلزمات واللقاحات والمراكز البحثية ، والأكثر التزام بالاحتياطات الاحترازية ، وكانت من الدول السباقة في الحصول على اللقاحات بكميات هائلة مكنتها من تمنيع أكبر النسب من سكانها مبكرًا .

ولم تشهد باقي دول العالم إصابات ووفيات كبيرة موثقة بما فيها الدول الأكثر فقرا ، أو التي تعاني من أزمات وحروب وصراعات ، ولا توجد تفاسير لهذه المؤشرات ومدى صحتها ومصداقيتها ولماذا هذا التفاوت وأسبابه .

وأن إعلان أنتهاء حالة الطوارئ لوباء الكورونا لا تعني أن العالم خالي من الوباء أو أن العالم توصل للقاحات تمنع العدوى ، أو لعلاجات ناجعة للمصابين بها ، أو توصلت مراكز الأبحاث لمعرفة الأضرار الصحية التي تسببها العدوى على المدى القصير والطويل .

أن هذه التجربة القاسية تتطلب إعادة النظر في كل السياسات المنظمة للتعاون الدولي والإقليمي في الأزمات والكوارث الصحية ،مثل إنتشار الأوبئة والأمراض المعدية الفتاكة أو غيرها ما يهدد صحة وحياة الناس ، وتتطلب إعاده النظر في النظم الصحية وهياكلها وبنائها ووظائفها والبنى التحتية ونظم تشغيلها لتجعلها قادرة على التأقلم والمرونة والاستجابة والتكيف مع كل المتغيرات والتهديدات الصحية ، وتأمين الاكتفاء الذاتي من كل يلزم وبالإمكان تنفيذه ، ووضع السياسات والاستراتيجيات التي تحقق المخزون الاستراتيجي وسلاسل الإمداد الطبي مادامت الحياة ، وضرورة تبني مشاريع إصلاح وتطوير حقيقية للقطاعات الصحية ، وبناء قوى عاملة صحية مؤهلة ، والاهتمام بالتخصصات المفقودة والنادرة التي تتطلبها طبيعة الأمراض ، ومضاعفة أعداد القوى العاملة الصحية مرات ومرات ، وتوفيق أوضاعهم الإدارية والمالية بما يتناسب وطبيعة العمل ، والاهتمام بالتعليم والتدريب الطبي والصحي الذي يتماشى مع كل التهديدات الصحية والتغيرات المناخية والبيئية والبيولوجية ، والاهتمام بالبحوث والدراسات العلمية الطبية والبيئية والبيولوجية ، وضرورة الاهتمام بتعزيز الصحة وتطوير العمل بالطب الوقائي والبيئ ، وطب الطوارئ ، والطب الميداني ، والرعاية الصحية الأولية بمفهومها الشامل ، وصحة المجتمع والرعاية الطبية والصحية المنزلية ورعاية كبار السن توعية ووقاية وعلاج ، والطب المهني والوظيفي ، والتطبيب عن بعد ، وتطوير القطاع الاستشفائي بالسعة التي تفوق الكفاية والكفاءة وسرعة التأقلم مع الحدث وطبيعة ونوعية الخدمات ، وتطوير الإدارة وتحديثها ، وتطبيق نظم الجودة ومكافحة العدوى وسلامة المرضى ، وترسيخ مفهوم الصحة الواحدة للأنسان والحيوان والبيئة ، والبدء بالعمل به وتطبيقه ، والتوسع في الإعلام الطبي والصحي والتوعية لكل الناس وفي كل مكان وطول الوقت بكل الوسائل ، وإعادة النظر في التشريعات والقوانين الصحية في حالات الطوارئ والكوارث والأزمات الصحية ، وما يعزز ألأمن الصحي للبلاد والعباد ، وضرورة العمل الجاد على سرعة تنفيذ الخطط والإستراتيجيات والبرامج لتنفيذ التغطية الصحية الشاملة التي تحقق المحددات الصحية لكل الناس في كل مكان بنفس الجودة والإمكانات وضمان الحماية والعدالة الاجتماعية ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ..

الأوبئة عابرة للحدود والقارات ،
والصحة مهمة الجميع …

والصحة أولًا
حفظ الله أمتنا والعالم والبشرية .

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …