منصة الصباح

عن الكتابة وهمومها

عن الكتابة وهمومها

————
مفتاح قناو

من أهم المسائل التي تطرح للنقاش بين عموم المهتمين بالكتابة وبالثقافة في مختلف أشكالها تظهر مسألة واجبات الكاتب نحو مجتمعه، وبصرف النظر عن المستوى الإبداعي والعلمي أحيانا لما يكتبه الكاتب إلا إن مسألة الالتزام بخدمة المجتمع والصدق في توجيه الخطاب تظل هي النقطة الأهم في واجبات الكاتب نحو مجتمعه ويقودنا هذا إلى الحديث عن انحراف وفساد ذمة الكاتب.

وفي اعتقادي أنه يوجد أكثر من مستوى في موضوع فساد ذمة وأخلاق الكاتب، فهناك (الفساد مدفوع الثمن) وهذا ينطبق في أغلب الأحيان على كٌتاب يكتبون في مواضيع سياسية، يحاولون من خلالها إقناع المواطن بتوجه سياسي معين ينتمون له، أو يستلمون منه مرتبات ومكافآت مالية ثابتة، أو أنهم يهاجمون توجه أخر أو أشخاص آخرين يخالفونهم التوجه السياسي وينبغي تحطيمهم.

وهناك نوع أخر يتعلق (بفساد أخلاق الشخص ذاته) وهذا يعاني منه في العادة بعض من يدعون كتابة نصوص إبداعية من شعر وقصة ورواية وغيرها، وهنا يخطر في البال ما يردده بعض الأصدقاء من أنهم نادمون لتعرفهم على الكاتب فلان الفلاني، لأن التعرف عليه عن قرب مثل لهم صدمة أخلاقية كبيرة، فهناك بون شاسع بين ما يكتب هذا الكاتب وبين تصرفاته وتعامله معهم ويتعجبون كيف يستطيع ممارسة هذه الازدواجية.

وإذا ناقشنا هذا الموضوع فلن نصل إلى نتيجة حاسمة، لأن لكل كاتب ظروف اجتماعية وحياتية مختلفة يعيشها وهي التي تشكل وعيه بما يحيط به من حوادث يومية عامة أو خاصة، ومن المؤكد أن تأثيرها عليه سلبا أو إيجابا، يكون أساسا في تفسيره لهذه الحوادث.

أما رد الفعل من طرف المتلقي فهناك من يتجاهل سلوكيات الكاتب ويعتبرها مسألة شخصية تخصه هو فقط، بينما يرى فريق أخر ـــ وانأ أوافق على هذا الرأي ـــ بأن نمط تعامل الإنسان مع الحياة ( كل لا يتجزأ ) فلا يمكن القبول بمبدع يقدم أعمالا تعلم الناس، وتزرع فيهم حب الحياة والاستمتاع بها، ثم يظهر في تعامله معهم سلوكاً مشيناً يجعلهم ينفرون منه، فلا يمكن للمتلقي أن يجد أي رغبة أو متعة في متابعة أعمال هذا الكاتب، إلا إذا امتلك هذا المتلقي مزاجا خاصا لا يمتلكه باقي البشر.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …