منصة الصباح

جولة ميدانية داخل طرابلس

متابعة : مروة الفقيه

للتسول أسبابه ولاتكاد تخلو عاصمة أو مدينة من مساوئ  هذه  الظاهرة وتشهد طرابلس في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة تزايداً ملحوظاً في إعداد المتسولين من مختلف الفئات السنية يجوبون الشوارع والطرقات العامة يستجدون المارة بطرائق مختلفة.

الصباح الاجتماعي في هذا الاستطلاع حاولت تسليط الضوء حول هذه الظاهرة ..

أسبابها وتداعياتها بما يسهم في معالجتها وفق التدابير المتبعة من الجهات ذات الاختصاص.

الصباح الإجتماعي وهي تحاول مقاربة ظاهرة التسول قامت بجولة ميدانية داخل مدينة طرابلس وحاولت قدر الإمكانات الممكنة أن تتحصل على شهادات مباشرة ممن قادتهم الظروف إلى احتراف مهنة التسول بشكله المباشر أو المستتر خلف مظاهر بيع المناديل الورقية وغيرها.

منقبات أجنبيات يمتهن التسول بلباس ليبي لكسب عطف المارة.

في البدء كانت وقفتنا الأولى مع افاطمة أحمد .. سيدة مغربية  متزوجة من ليبي وهي .

اشتكت فاطمة عدم توفر المال اللزم لإعانة أسرتها و هي لاتتقاضى أي راتب ضماني من الدولة ولديها ابنة مريضة وتعول ثلاثة احفاد يدرسون برسوم مالية تقول فاطمة: لم يكن أمامي سوى التسول لأعول عائلتي لتوفير احتياجاتهم اليومية.

واكتفت بذلك

تركناها وتوجهنا إلي أحد الشوارع فوجدنا طفلا واجهناه بسؤالنا عن الأسباب التي أجبرته على التسول؟

مؤيد طفل اعترض على نعته بالمتسول قال:

(اني لانخنب ولانقتل.. أني نخدم)!

مؤيد  يرى أن التسول عملا كأي عمل ويفسر ذلك بانه ضحية انفصال الوالدين ويرفض كل منهما تحمل مسؤولية تربيته وكان يقيم عند والدته ثم انتقل للعيش مع والده ومن ثم عند جدته والآن مع اخيه.. صعوبة الحياة وتشرده من مكان إلى آخر وعدم وجود مأوى حقيقي يعيش فيه في كنف اسرة تحتضنه اضطره إلى ترك المدرسة والنزول إلى الشارع للتسول والحصول على المال للعيش.

أما محمد.. بائع المناديل الورقية فهو يمتهن التسول بطريقته .. البعض يقف ليشتري منه المناديل والبعض يعطيه المال كصدقة لانه حرم من الدراسة بسبب ظروفه الاجتماعية .. يتسول لمساعدة عائلته فهو العائل الوحيد لها حسب قوله.

وفي ركن قصي شاهدنا رجلا كبيرا في السن لايكاد يقف على قدميه بسبب تدهور صحته حتى انه لايبذل اي مجهود للتسول يقف مكتفيا بوضعه الصحي المتدهور وحالة البؤس التي ترسم ملامحها على وجهه لاستجلاب عطف المارة .. تحدث معنا عن السبب الذي دفعه إلى التسول  وهو ضيق الحال وليس لديه أي دخل مادي و يقيم هو وعائلته في بيت للايجار ولم يتحصل على اي عمل فلم يكن امامه خيار سوى التسول لسد رمق زوجته واطفاله.

ظاهرة التسول صعبة المعالجة وكلما حاولنا الحد منها ظهرت من جديد .

ولعدم تمكننا من الحصول على شهادات أخرى ارتضينا بما تحصلنا عليه وتوجهنا إلى الجهات ذات العلاقة بالظاهرة لعلنا نستطيع التوسع في تسليط الضوء حول هذه الظاهرة وكانت لنا جلسة مع السيدة زهرة علي عويد: رئيس اللجنة الدائمة لمكافحة التسول بوزارة الشؤون الاجتماعيةالتى توجهنا بالسؤال:

الصباح: حسب نظركم: ماهي الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة التسول والإجراءات المتبعة للقضاء عليها؟

الأسباب متعددة.. اجتماعية واقتصادية إلى جانب تردي الأوضاع السياسية وانعكاساتها على البلاد والمواطن. وبالطبع يظل العامل الاقتصادي هو الأهم في ظل الظروف الراهنة.. وبالنظر إلى مجتمعنا الليبي فقانون الضمان الاجتماعي يشمل كل شرائح المجتمع وهذا يعني أنه لاتوجد أسباب مباشرة لامتهان التسول كمصدر رزق ولكن النفوس الضعيفة تستغل تدهور الأوضاع لكسب المال بأية وسيلة.

إذاً كيف نفسر انتشار هذه الظاهرة في الشوارع والطرقات؟

-نعم هناك انتشار ملحوظ للمتسولين ولكن لو أردنا تحديد هويتهم في 99 % منهم ينتمون إلى جنسيات وافدة دخلوا البلاد بطرق غير قانونية .. في سنة 2015 وبالتعاون مع وزارة الداخلية وجهاز الهجرة غير الشرعية تم ضبط اعداد كبيرة تمارس التسول من جنسيات أجنبية أما بالنسبة لليبيين فأعدادهم قليلة لاتقاس بالاجانب.

ولو قارنا نسبة النساء مثلاً لوجدنا أن عدد الليبيات قليل جداً لا يذكر مقارنة بالافريقيات وكذلك الامر بالنسبة للرجال والأطفال فاغلبهم من جنسيات افريقية وافدة بطرق غير شرعية.

ما الذي يجبر الليبيين نساء  أم رجالا أم  أطفالا على ممارسة التسول؟

عن نفسي أقول كأختصاصية اجتماعية عندما اشاهد طفلا ليبيا يتسول تلوح امامي أكثر من اشارة استفهام .. أين الوالدين؟ أين المدرسة؟ أين الشؤون الاجتماعية؟

ماذا عن الاطفال الذين يمارسون بيع المناديل الورقية في الشوارع العامة وعند الاشارات الضوئية تحديداً؟

تبين ان هناك من يتخذ من بيع المناديل واجهة للتسول بطريقة غير مباشرة إذ تم استغلال طيبة الليبيين للحصول على المال وعند السؤال عن الاسباب يجيبون إما انهم ابناء لوالدين مطلقين او أب معوّق ،وهكذا مشاكل اجتماعية واسرية حاولنا حلها بالمتابعة مع وزارة التعليم وعندما قمنا باستدعاء والدين بعض الاطفال لاحظنا لامباةلاتهما واعتمادهما على اطفالهم في جلب المال وهذا مؤشر خطير يهدد أمن واستقرار الاسرة الليبية .. حاولنا معالجة الامر مع صندوق الزكاة وتقديم اعانة اجتماعية مؤقتة أو تأمين معاش اساسي ثابت المهم ان نسد ابواب االتسول بأية طريقة .. وفي المحصلة ظاهرة التسول ثقافة وافدة على الليبيين وهي خطر يهدد نسيج العلاقات الاجتماعية .. فالمرأة لها دورها وقيمتها واحترامها وما يحدث من تجاوزات من بعض النسوة لاعلم للأسرة به وله ظروفه ومسبباته الذي يفترض ان لا يكون في ثقافة مجتمع محافظ وغني ليس في حاجة لسلوك مثل هذه الظاهرة.

اكتفينا بما مدتنا به السيدة زهرة وتوجهنا على الفور إلي جهاز الحرس البلدي حيث التقينا بالناطق الرسمي باسم الجهازامحمد النعمي الذى بادرنا قائلا: ظاهرة التسول موضوع تختص به عدة جهات من ضمنها جهاز الهجرة غير الشرعية ووزارة الشؤون الاجتماعية والحرس البلدي وعدة أجهزة ضبطية .. طبعاً الاشخاص الذين يمتهنون هذه المهنة بعضهم ليبييين والبعض الاخر اجانب هناك زوجات على سبيل المثال من توفى زوجها ومن المفترض أنها تتمتع ببعض الحقوق القانونية ولكن للاسف يكون هناك قصور في منح الزوجة هذه الحقوق مما اضطرها إلى امتهان التسول لتعول اسرتها وهناك من يتخفى وراء التسول للتستر على جرائم يقوم بها ومنها مافيا الاطفال.

المتسولون الليبيون يتم إحالتهم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لدراسة أوضاعهم .

واسترسل بالقول: انتشرت هذه الظواهر وبكثرة في الآونة الاخيرة وخاصة بعد سنة  2011 والسبب كثرة الهجرة غير الشرعية داخل الدولة الليبية ، كما ساهم دخول الاجانب بدون تأشيرة وأيضاً البعض لا يملك جواز سفر وتكون ليبيا مرحلة عبور للوصول إلى دول أخرى .. ومن هنا انتشرت مافيا التسول داخل ليبيا وفي الفترة الاخيرة اكتشفنا أن بعض المتسولين لديهم قضايا وتم ترحيلهم ومن ضمنهم مصرية متهمة في حوالي إحدى عشر جريمة قتل وتم استلامها من قبل الانتربول وقام بترحيلها و هناك العديد من المشاكل الناتجة عن ظاهرة التسول ومن بينها التسول المبطن الذي يتم  فيه استخدام الاطفال الذين نراهم عند اشارات المرور  الذين يقومون ببيع علب المناديل الورقية وايضاً بعض الاجانب ممّن يقومون بارتداء النقاب او الزي الليبي وهذا ستار لكسب عطف المارة وعلى الرغم من ان القانون وضعها تحت قائمة الاجرام وللأسف ليس هناك من يتحمل مسؤوليتها فالحرس البلدي ليس مسؤولاً بالدرجة الاولى على انتشار هذه الظاهرة هناك لجان تم تشكيلها ونحن من ضمنها بالاضافة إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية والأمن المركزي والمباحث الجنائية ووزارة الشؤون الاجتماعية ، اما فيما يخص المتسولين الليبيين يتم تحويلهم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية و التي تقوم بدورها بدراسة حالتهم وهل هم فعلاً بحاجة إلى مساعدة وتخصيص مرتبات لهم ويتم استكمال الاجراءات ومعالجة المرضى منهم ومن جانب اخر هناك عائق سبب في انتشار هذه الظاهرة هي ازمة السيولة وعلى الجهات المسؤولة ايجاد حل لهذه المشكلة وكيفية توفير العيش الكريم للمواطن.. ظاهرة التسول من الظواهر التي يصعب القضاء عليها فكلما بذلنا مجهودا للقضاء عليها او الحد منها نجدها تظهر من جديد والسبب يرجع إلى وجود وعوامل وأسباب تغذيها .

الصباح: البعض يرى وجود بعض المتسولين عملهم مخابراتي ما رأيك؟

كما ذكرت ان هذه الظاهرة جزء كبير منها مافيا كبيرة وليبيا كانت مفتوحة مما ساهم في انتشار الفوضى بها ولكن من جانب اخر اصبح لمواقع التواصل دور في انتشار الاخبار أولاً بأول وهذا جزء من المعلومات التي يمكن ان يستغلها البعض فقد يقتصر عمل المتسول اذا كان استخباراتيًا في معرفة اسناد بعض الشخصيات او بعض المواقع ..قد يكون هذا جائز.

الصباح: من خلال عملكم هل لاحظتم وجود أطفال متسولين من النازحين الليبيين؟

هناك البعض منهم من استغل الظروف المتردية لعدم حصوله على المرتب او عمل وان وجدت إغاثة فهي تبقى (تموين جاف) لايغطي متطلبات الحياة الاخرى مما اضطره إلى النزول للشارع ومد يده للحصول على المال.

أزمة السيولة أجبرت البعض على احتراف مهنة التسول لسدّ الحاجة.

الازمة الاقتصادية التي عصفت بليبيا قد تكون سهلت الازمة على الناس وضيقت على شريحة اكبر منا نحن اكثر من اي موظف بالدولة لمحدودية المرتبات التي يتقاضوها وبالاضافة لعدم قدرته على الحصول عليها من المصرف واريد اضافة فكرة مهمة جداً عن التسول.

التسول ليس مبدأ المبدأ الخوف منه في البداية التشرد في الشوارع ،ثم امتهان التسول ،ثم تتحول إلى ممارسة الجريمة ومنها إلى ممارسة الظواهر السلبية الاخرى منها الاستغلال الجنسي فالتسول يأتي في المرحلة الثانية ومنها إلى تعاطي المخدرات ،ثم ممارسة الجريمة من سرقة وقتل ومن خلال زيارتي لبعض الدول ومن خلال عملي في مناطق مختلفة في ليبيا اغلب من يمتهن التسول تعود أصولها إلي جنسيات افريقية والتي دخلت في الآونة الاخيرة  إلى ليبيا وانتشرت في طرابلس  ظاهرة التسول من جنسيات مختلفة مما نتج عنه وجود بعض العصابات ففي السابق كشفت الضبطيات عن وجود عائلات مصرية تقوم باستئجار اطفال واستعمالهم للتسول أيضاً ضبط متسولين يرتدون الزي الليبي ويتقنون اللهجة الليبية كستار للتسول ومن هنا يرى المتسول من هذا العمل باب رزق وكسب سريع.

الحاجة قد تدفع البعض لممارسة التسول أيضاً أصبح للتسول اساليب وأفكار لكيفية الحصول على المال  فالبعض  يستغل الاطفال لانه يرى فيهم مصدرا للكسب الوفير.

فنحن الليبيين بصفة عامة شعب طيب ويحزننا رؤية طفل صغير في العمر يمد يده للحصول على المال تجده تلقائياً يدخل يده في جيبه لتزويده بالمال لهذا استخدام الاطفال والعجائز ومنهم من يعاني من اعاقة و يتم ايقافهم أمام المساجد والمصارف ،والمواطنون يعطوهم بسخاء هم من يختارون الاماكن الحيوية للتسول اما عن سبل المعالجة التي تحدثنا عنها فهي تحتاج لفرص عمل داخلية وتكاثف الجهود

شاهد أيضاً

الدبيبة يناقش الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية في عدة بلديات

ناقش رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع عمداء عدد من البلديات والأعيان، بعض الملفات الخدمية …