ممتحن في الجنة وإثنان في النار
بقلم: د . المهدي الخماس
موضوع اليوم هو حديث بيني وبينكم وبين الكثير من الأصدقاء. وكالعادة بعض أصدقائي لهم رأي مشابه والبعض لهم رأي مختلف. طبعا صاحب الرأي المختلف مرحب به أكثر لو كان مبني على تفكير واستعمال العقل. يعني بدون شخصنة. مثلا نختلف على كيفية تعليم الطبيب ولكن يجب أن يكون الهدف واحد. يكون الهدف هو الحصول على طبيب يشخص ويعالج المواطن الليبي بأخلاق وحرفية عالية وذو مؤهل حقيقي.
خلينا نبدأ بالنقاش خطوة خطوة. إذا أنت ياولد عمي سرقت فهذا أمر يخصك وفي النهاية فلوس. وإذا أنت سواق سكران ودرت حادث ممكن تقتل واحد أو أثنين. وإذا أنت قاضي ممكن تغلط وممكن تأخذ رشوة وأنت وضميرك. ولكن أن تكون طبيب عندك شهادة تخصص في أمراض النساء والولادة مثلا وعمرك مادرت عملية قيصرية فالأمر يختلف. يعني ممكن تقتل الأم والجنين وممكن تكررها. يعني ممكن تكون قاتل وعندك ترخيص. باهي لو أنت المسؤول عن تدريبه أو إمتحانه أو توقيع شهادة هذا الطبيب وطلقته يجزر في الناس معناها أنت كذلك قاتل. معناها انت أكيد مدايرها مع أخرين.
الطبيب الممتحن الذي يُنجِّح الطالب أو المتدرب وهو يعرف أنه غير مؤهل ممكن يكون مسؤول عن مئات وربما ألاف من الأخطاء الطبية وحالات الموت بسبب هذه الأخطاء. ممتحني الطب ثلاثة، إثنان في النار وواحد في الجنة. فكر شوية وشوف روحك كان أنت واخذ شهادة لاتستحقها يجي اليوم ويطلع عليك النهار. ولو انت عاطي الشهادة لطبيب غير مؤهل أو ساهمت في إنجاحه فهي عكس الصدقة الجارية تماما. يعني كل مايضر مريض يلحقك شوية ذنوب والحسابة تحسب. هذا طبعا إذا أنت يهمك موضوع الذنب والحساب وربي والأخرة.
ولهذا لايهم إن كنا نختلف سياسيا أو عرقيا أو دينيا ففي أمر التدريب والتعليم الطبي نحن واحد. لأن المسؤولية الأخلاقية واحدة. يعني أنا وأنت يهمنا أن نتلقى رعايتنا ورعاية أبنائنا وجيراننا ووالدينا عند طبيب يعرف ويفهم ومؤهل وعنده مهارات وأخلاق. أعتقد موش حنختلف على هذه النقطة والنقاط السابقة.
طالما لسنا مختلفين إذن لماذا نترك مجالسنا وكلياتنا وتدريبنا وشهاداتنا ونلهث وراء مجلس خارجي ربحي يديره أصحاب مصلحة مادية ونعرف ان شهادته بدون تدريب. وننشر ضرره في ليبيا وخارج ليبيا. موش عيب نعطي شهادات مقننة لإحداث ضرر بالمريض. موش عيب نجر أبنائنا الى الجري وراء مثل هذه الشهادات لأن الطريق مسدود أمامه في ليبيا (لاأقصد قصة إحسان عبدالقدوس وفيلم فاتن حمامة وأحمد مظهر).
شهادة مجلس التخصصات الليبية أساسها متين ولكن موديل قديم وتحتاج صيانة. تحتاج برنامج تدريبي كويس لعدد من السنوات. هذا البرناج يكون به كورسات امراض نفسية لما مر بنا من حروب وأثارها. يحتوي كذلك على كورسات بحوث وإدارة وأخلاق وتعليم المتدرب وسائل التواصل ومبادئ الجودة وسلامة المريض. ولهذا أكرر نداء أحد الزملاء “تعالوا الى كلمة سواء” لعلنا نكون فريق يحسن نوعية الطبيب ويضعف من شدة أمراضنا.