منصة الصباح

البعد الرابع

مفتاح قناو

كلنا درسنا في مادة الرياضيات ومبادئ الهندسة الأبعاد بشكلها الأساسي، وعرفنا انه يوجد بعدان أساسيان هما الطول والعرض يمكن من خلال البعد الأول قياس ومعرفة المسافة بين نقطتين أو بين مدينتين، وقد عبروا عن هذا البعد بوحدة المتر، وأنه باستخدام البعد الثاني وهو العرض يمكننا معرفة المساحات المسطحة التي تحتاج إلى ضرب قيمة الطول في قيمة العرض لتنتج لنا المساحة والتي يتم حسابها بوحدة المتر المربع، ومن خلالها يمكننا معرفة مساحة قطع الأراضي والبيوت والدول والقارات، ولم يكتفي علماء الهندسة بهذا بل أضافوا لهما بعدا ثالثا هو الارتفاع ليمكن تحديد قيمة الحجوم وقد عبروا عنه بالمتر المكعب، ثم جاء العالم العبقري (ألبرت اينشتين) الذي برهن في نظرية (النسبية الخاصة) عن وجود البعد الرابع والذي اسماه ( الزمن ).
فإذا تحركت سيارة منطلقة من طرابلس باتجاه مدينة بنغازي بسرعة 100 كيلومتر في الساعة فأنها ستكون يعد ساعة واحدة في مدينة الخمس ويمكن التعبير عن ذلك جغرافيا بخطوط الطول والعرض فنقول بان السيارة هي على نقطة تقاطع خط الطول رقم 13 مع خط العرض رقم 33 ، وقد استخدمنا هنا بعدي الطول والعرض فقط، لكن لو تحركت طائرة من طرابلس إلى بنغازي بنفس السرعة فيمكن القول بعد ساعة من أن الطائرة على نقطة تقاطع خط طول 13 مع خط عرض 33 وعلى ارتفاع 20 ألف قدم وهنا استخدمنا البعد الثالث وهو الارتفاع، لكن العالم (اينشتين) يرى أن ذلك غير كاف ولابد من تحديد الزمن الذي كانت فيه الطائرة في ذلك المكان، لأن هذه الرحلة قد تتكرر عدة مرات في اليوم الواحد وبأزمنة مختلفة، وهذا مثال بسيط على أهمية البعد الرابع.
التقط عدد من نقاد الأدب وبشكل خاص نقاد فن الرواية ليظهر لنا عند مقاربة ونقد هؤلاء للأعمال الروائية مصطلح نقدي جديد كانت بدايته مع عشرية الثمانينات من القرن الماضي، وأصبح بعدها محورا مهما لكثير من الدراسات النقدية لعدد من الأعمال الروائية، حيث يتم دمج مصطلحي الزمان والمكان لصنع مصطلح ظرفي جديد يسمى (الزمكان)، والذي يمثل العنصرين حيث الزمان الذي تقع فيه أحداث الرواية، والمكان الذي هو يوضح الخلفية التي تقع فيها أحداث الرواية.
من هنا نجد استعانة الادب بالعلم حيث تم ضم جزء من النظرية النسبية لاينشتين إلى تقنيات النقد الأدبي وهي نقلة علمية أدبية مميزة.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …